على أنّ للكلبي ، وكذا للسدّي الصغير ، تفسير جامع وموضع اعتبار لدى الأئمّة على ما أسلفنا ، فلو كانا هما الراويين لهذا التفسير لكان فيه شيء من آثارهما ، وعلى تلك المرتبة من الجلالة والشأن.
كما أنّ المأثور من ابن عباس ، على ما جمعه الطبري وغيره ، لا يشبه شيئا من محتوى هذا التفسير الساذج جدّا ، مثلا يقول : عن ابن عباس في قوله تعالى : (يا أَيُّهَا النَّاسُ) بالتناسل ... (١) وهلّم جرّا.
والذي يبدو لنا من مراجعة هذا التفسير أنّ جامعه عمد إلى تفسير القرآن تفسيرا ساذجا في حدّ ترجمة بسيطة ، تسهيلا على عموم المراجعين ، وهذا أمر مطلوب ومرغوب فيه شرعا. ولكنه صدّر كل سورة برواية عن ابن عباس ، تيمّنا وتبرّكا باسم ترجمان القرآن. ولم يقصد أن كل ما ورد في تفسير السورة من تفسيره بالذات ، الأمر الذي اشتبه على الأكثر ، فزعموه تفسيرا مستندا إلى ابن عباس في الجميع. وهذا وهم أوهمه ظاهر التعبير ، فليتنبّه.
قيمة تفسير الصحابي
مما يجدر التنبّه له أن الدور الأوّل على عهد الرسالة ، كان دور تربية وتعليم ، ولا سيّما بعد الهجرة إلى المدينة ، كان النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم قد ركّز جلّ حياته على تربية أصحابه الأجلاء وتعليمهم الآداب والمعارف ، والسنن والأحكام وليجعل منهم أمّة وسطا ليكونوا شهداء على النّاس (٢) ، فقد جاء صلىاللهعليهوآلهوسلم ل (يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِهِ
__________________
(١) أول سورة النساء (الدر المنثور ـ الهامش ، ج ١ ، ص ٢٣٣)
(٢) من الآية رقم ١٤٣ من سورة البقرة.