أن جملة ما تحصّل في معنى الحديث خمسة أقوال :
أحدها : التفسير من غير حصول العلوم ، التي يجوز معها التفسير.
ثانيها : تفسير المتشابه الذي لا يعلمه إلّا الله.
ثالثها : التفسير المقرّر للمذهب الفاسد ، بأن يجعل المذهب أصلا والتفسير تابعا ، فيردّ إليه بأيّ طريق أمكن ، وإن كان ضعيفا.
رابعها : التفسير بأنّ مراد الله كذا على القطع من غير دليل.
خامسها : التفسير بالاستحسان والهوى. (١) قلت : ويمكن إرجاع هذه الوجوه الخمسة إلى نفس الوجهين اللّذين ذكرناهما ؛ إذ الخامس يرجع إلى الثالث ، والرابع والثاني يرجعان إلى الأوّل ، فتدبّر.
خلاصة القول في التفسير بالرأي
يتلخص القول في تفسير
حديث «من فسّر القرآن برأيه ...»
: أن الشيء المذموم أو الممنوع شرعا ، الذي استهدفه هذا الحديث ، أمران :
أحدهما : أن يعمد قوم إلى آية قرآنية ، فيحاولوا تطبيقها على ما قصدوه من رأي أو عقيدة ، أو مذهب أو مسلك ، تبريرا لما اختاروه في هذا السبيل ، أو تمويها على العامة في تحميل مذاهبهم أو عقائدهم ، تعبيرا على البسطاء الضعفاء.
وهذا قد جعل القرآن وسيلة لإنجاح مقصوده بالذات ، ولم يهدف تفسير القرآن في شيء. وهذا هو الذي عني بقوله عليهالسلام : فقد خرّ بوجهه أبعد من السماء ، أو فليتبوّأ مقعده من النار.
__________________
(١) الإتقان في علوم القرآن ، ج ٤ ، ص ١٩١.