نماذج من تفاسير مأثورة عن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم
قلنا : إن الصحابة كانوا في غنى ـ في الأغلب ـ عن مساءلة الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم بشأن معاني القرآن ، أو كانوا يحتشمون سؤاله ، لما كان القرآن قد نزل بلغتهم وفي مناسبات كانوا هم حضور مشهدها. وأحيانا إذا كان إبهام في وجه آية ، أو خفي المراد من سياقها ، كانوا يراجعونه لا محالة ، وفي الأكثر كانوا يترصّدون أسئلة الأعراب أو الطارئين فيتبادرون إلى تفهّم ما يجري بينهم وبين الرسول بشأن معاني القرآن ، حتى قالوا : إنّ الله ينفعنا بالأعراب ومسائلهم. (١)
وبعد فقد جمع من هذا وذاك حشد كبير من تفاسير مأثورة عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم رواها أئمة الحديث في أمهات الجوامع الحديثية المعروفة.
والأكثر سؤالا إنما وقع عن مرادات القرآن ، بعد وضوح الكلمة في مفهومها اللغوي ؛ حيث ظاهر اللّفظ ينبئ عن شيء ، لكن المراد غير هذا الظاهر المفهوم حسب دلالة الوضع ، أو يشك في إرادة هذا الظاهر ، لقرائن حاليّة أو مقالية ، تبعث على السؤال عن المراد الواقعي.
* فقد سئل النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم عن «السّائحين» في قوله تعالى : (التَّائِبُونَ الْعابِدُونَ الْحامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ)(٢) ، فقال : هم الصائمون (٣). فلا غموض في معنى السياحة ، ولكن أيّ مصاديق السياحة مقصودة هنا؟ ولعلّ هنا استعارة جاءت لأمر معنويّ ، مما يدعو إلى السؤال عنه ومراجعة أهل الذكر. قال الطبرسي : السائح من : ساح في الأرض يسيح سيحا ، إذا استمر في الذهاب ، ومنه
__________________
(١) سبق ذلك في أول الفصل.
(٢) التوبة / ١١٢.
(٣) المستدرك ، ج ٢ ، ص ٣٣٥.