والحكم الناسخ إلّا مراجعة نصوص الشريعة. ومن ثم قال مولانا أمير المؤمنين عليهالسلام لقاض مرّ عليه بالكوفة : أتعرف الناسخ من المنسوخ؟ فهاب الإمام وأجاب بالنفى! فقال له الإمام : إذن هلكت وأهلكت. (١)
فمن ذلك قوله تعالى ـ بشأن المتوفّى عنها زوجها ـ : (وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْواجاً ، وَصِيَّةً لِأَزْواجِهِمْ مَتاعاً إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْراجٍ)(٢) كانت الشريعة في البدء أن المرأة المتوفّى عنها زوجها لا ميراث لها سوى الإمتاع في التركة حولا كاملا ، وكان ذلك عدّتها أيضا. لكنها نسخت بآية المواريث (٣) وبآية التّربّص أربعة أشهر وعشرا (٤) (وآية التربّص الناسخة مثبتة في سورة البقرة قبل آية الحول المنسوخة).
هكذا ورد في الحديث عن الإمام أمير المؤمنين عليهالسلام ، وعن الإمامين الباقر والصادق عليهماالسلام (٥).
ومن ذلك أيضا آية جزاء الفحشاء ، فما في سورة النساء (١٥ ـ ١٦) منسوخة بشريعة الجلد (سورة النور / ٢) والرجم ، هكذا ورد عن الإمام الصادق عليهالسلام (٦).
ونظير ذلك كثير ، ولا سيّما إذا عمّمنا النسخ ليشمل التخصيص والاستثناء وسائر القيود أيضا ، وقد كان معهودا ذلك الحين.
__________________
(١) تفسير العياشي ، ج ١ ، ص ١٢ ، رقم ٩. والإتقان ، ج ٢ ، (ط ١) ، ص ٢٠.
(٢) البقرة / ٢٤٠.
(٣) النساء / ١٢.
(٤) البقرة / ٢٣٤.
(٥) راجع : بحار الأنوار ، ج ٩٣ ، ص ٦. والصافي ، ج ١ ، ص ٢٠٤.
(٦) العياشي ، ج ١ ، ص ٢٢٧ ـ ٢٢٨.