قال عمرو : ولم؟ قال : لأنه لا يظلمك! فسكت عمرو ولم يحر جوابا (١).
وذكر ابن أبي الحديد أبا بردة ابن أبي موسى الأشعري فيمن أبغض عليّا ، وكان من القالين له ، ثم قال : ورث البغضة له ، لا عن كلالة (٢) ، أي كان هذا الحقد للإمام أمير المؤمنين ـ صلوات الله عليه ـ قد أتاه مستقيما من قبل والده ، فكانت البغضة منه تليدا ، ولم تأته من عرض عارض ، لا تلد الحيّة إلّا الحيّة.
٥ ـ مدرسة الشّام : قام بها أبو الدرداء عويمر بن عامر الخزرجي الأنصاري. كان من أفاضل الصحابة وفقهائهم وحكمائهم. أسلم يوم بدر ، وشهد أحدا وأبلى فيها بلاء حسنا. روي أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قال بشأنه حينذاك : نعم الفارس عويمر ، وقال : هو حكيم أمّتي.
تولّى قضاء دمشق أيّام خلافة عمر ، وتوفّي في خلافة عثمان سنة (٣٢) ولم ينزل دمشق من أكابر الصحابة سوى أبي الدرداء ، وبلال بن رباح المؤذّن الذي مات في طاعون عمواس سنة (٢٠) ودفن بحلب. وكذا واثلة بن الأسقع ، وكان آخر من مات بدمشق من أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم. مات سنة (٨٥) في خلافة عبد الملك بن مروان.
تخرّج على يدي أبي الدرداء جماعة من أكابر التابعين ، منهم : سعيد بن المسيّب ، وعلقمة بن قيس ، وسويد بن غفلة ، وجبير بن نفير ، وزيد بن وهب ، وأبو إدريس الخولاني ، وآخرون.
كان أبو الدرداء من الثابتين على ولاء آل الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم لم تزعزعه
__________________
(١) الملل والنحل ، ج ١ ، ص ٩٤ ط القاهرة ١٣٨٧ ه ق.
(٢) شرح النهج ، ج ٤ ، ص ٩٩.