عن الميدان وعن التفتّت والاندثار ، الأمر الذي يرجع إلى ضخامته وصلابته ، مما لا تناسب بينه وبين أكبر هرم من أهرام مصر ، الذي يبلغ ارتفاعه مائة وخمسين مترا ، وطول قاعدته عن ثلاثمائة وثلاثة وثلاثين مترا. فأين ذلك من جبل «هماليا» الذي يزيد ارتفاعه عن ثمانية آلاف متر وثمانمائة متر ، ويشغل شمالي الهند كله. أو جبال أنده في أمريكا الجنوبية التي يبلغ طول قاعتها نحو سبعة آلاف كيلومترا ، وارتفاعها بضعة آلاف متر. لا جرم كان أطول الأهرام لا يساوي أصغر تلال الأرض ، فلا يتناسب والإطلاق وتد الأرض عليه ؛ إذ لا مناسبة حينذاك. على أنّ «الأهرام» هي قبور فراعنة مصر ممن سبقوا فرعون موسى نحو ثلاثة آلاف عام ، ولم يكن هذا الأخير ممن شيّدها ، فكيف يصحّ نسبتها إليه؟!
والآية الرابعة ، وكذا الخامسة ، فإنّ الذي ذكره احتمال ، لا نستبعد إمكان الدّلالة عليه إجمالا ، لكن ليس من الحتم ، فهو احتمال كسائر الاحتمالات التي تحتملها جلّ آيات الذكر الحكيم ، كما قال علي عليهالسلام : «القرآن حمّال ذو وجوه» ، لكن لا يرتبط الأمر وقضيّة إمكان الترجمة بشكل يبقى احتمالات اللفظ على حالها في الترجمة ، كما هي في الأصل.
وعلى أيّة حال فليست الترجمة بذاتها مما يتنافى واحتمالات لفظ القرآن ، إن كانت الترجمة ـ كما ذكره الأستاذ وجدي (١) ـ قائمة على أصولها حسبما عرفت.
الترجمة من الوجهة الشرعيّة
سبق أنّ الغاية من الترجمة هي الإيفاء بمفاهيم القرآن وإيضاح ما يحويه هذا الكتاب السماويّ الخالد ، إيضاحا بسائر اللّغات لسائر الأمم ، تقريبا لهم إلى تعاليم
__________________
(١) راجع : الأدلة العلمية ، ص ٣١ ـ ٣٥.