قال تعالى ـ : (وَحُشِرَ لِسُلَيْمانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ)(١).
غير أنّ الذين يحشرون إلى النار هم أعداء الله جميعا وليس فريق منهم ، قال تعالى : (وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْداءُ اللهِ إِلَى النَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ)(٢). قوله : يوزعون ، أي يدفع بعضهم بعضا فيتدافعون إلى النار لكثرتهم وازدحامهم.
أمّا تلك الآية فالحشر والتدافع كان بالفوج فحسب ، وليس كل أعداء الله. والتفسير بالزعماء والقادة أمام الأتباع والسفلة ، تخرّص بالغيب لا مستند له.
العاشر ـ مسألة البداء
البداء في التكوين كالنسخ في التشريع ، أمر واقع ، وقد صرّح به الكتاب وتواترت به الروايات ، عن أهل بيت العصمة.
وهو كالنسخ ، له معنى باطل ومستحيل على الله تعالى ، وهو عبارة عن نشأة رأي جديد. هذا المعنى مستحيل على الله ، ولا تصحّ نسبته إليه تعالى شأنه.
وله معنى آخر ، هو معقول ، عبارة عن ظهور أمر بعد خفائه على الناس. كان يعلم به الله منذ الأزل ، وقدّره كذلك منذ البدء ، ولكن لمصلحة في التكليف أخفاه ثم أبداه لوقته. كما في مسألة النسخ ، كان الأمد (أمد التكليف) معلوما لله ومقدّرا من البدء ، سوى أن الناس حسبوا دوامه واستمراره استنادا إلى ظهور اللفظ في الدوام ، ما لم يأت ناسخ.
وهكذا الأجل في مسألة البداء ، له ظاهر يعلمه أولو البصائر في أسرار الوجود ، وله واقع يعلمه علّام الغيوب ، فيبديه لوقته وفق حكمته.
__________________
(١) النمل / ١٧.
(٢) فصلت / ١٩.