شريعة العقل أن يجعل ذلك ذريعة سهلة في متناول أهل العبث والاستكبار في الأرض ، بل يجعلها وسيلة ناجحة في سبيل إسعاد العباد وإحياء البلاد (هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيها)(١).
وهذا الفحوى العام للآية الكريمة إنما يعرف وفق قانون «السبر والتقسيم» وإلغاء الخصوصيات المكتنفة بالموضوع ، فيتنقّح ملاك الحكم العام.
وفي القرآن كثير من هذا القبيل ، إنما الشأن في إمعان النظر والتّدبّر في الذكر الحكيم ؛ وبذلك يبدو وجه استفادة فرض الأخماس من آية الغنيمة ، ودفع الضرائب من آية الإنفاق في سبيل الله.
مزاعم في التأويل
هناك من حسب من تأويل القرآن شيئا وراء المفاهيم الذهنيّة أو التعابير الكلاميّة ، وكان من نمط الأعيان الخارجية ، وكان ما ورد في القرآن من حكم وآداب وتكاليف وأحكام كلها تعود إليه ؛ إذ تنتزع منه وتنتهي إليه في نهاية المطاف ، فكان ذلك تأويلا للقرآن في جميع آياته الكريمة.
وقد اختلفوا في تبيين تلك الحقيقة التي تعود إليها جميع الحقائق القرآنية في أصول معارفه والأحكام :
ذكر ابن تيميّة ـ في رسالة وضعها بشأن المتشابه والتأويل ـ : أن التأويل في عرف المتأخّرين صرف اللفظ عن معناه الراجح إلى معنى مرجوح ؛ لدليل يقترن به. فالتأويل ـ على هذا ـ يحتاج إلى دليل ، والمتأوّل عليه وظيفتان : بيان احتمال اللفظ للمعنى الذي يدّعيه ، وبيان الدليل الموجب للصرف إليه عن المعنى الظاهر.
__________________
(١) هود / ٦١.