لشرائط التفسير ، وهذا هو مورد النهي ومحطّ الذمّ. (١)
قلت : أما تورّع بعض السلف عن القول في القرآن ، فلعدم ثقته بذات نفسه وضآلة معرفته بمعاني كلام الله. أما العلماء العارفون بمرامي الشريعة ، فكانوا يتصدّون التفسير عن جرأة علمية وإحاطة شاملة لجوانب معاني القرآن.
وأما التفسير بالرأي فأمر وقع المنع منه على إطلاقه ، وليس على قسم منه ، كما زعمه هذا الاستاذ.
والذي أوقعه في هذا الوهم ، أنه حسب التفسير بالرأي هنا بمعنى الاجتهاد ، في مقابلة التفسير بالمأثور ، ولا شك من جواز الاجتهاد في استنباط معاني الآيات الكريمة إن وقع عن طريقه المألوف.
حجّية ظواهر الكتاب
قد يزعم البعض أن هناك من يرى عدم جواز الأخذ بظواهر كلام الله تعالى ؛ حيث ظاهره أنيق وباطنه عميق ، لا يسبر غوره ولا يبلغ أقصاه ، ولا سيّما بعد كثرة الصوارف عن هذه الظواهر ، من تخصيص وتقييد ونسخ وتأويل.
غير أنّ هذا يتنافى والأمر بالتدبّر في آياته ، والحثّ على التعمّق فيها واستخراج لآلئها.
(أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلى قُلُوبٍ أَقْفالُها)(٢).
(فَإِنَّما يَسَّرْناهُ بِلِسانِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ)(٣).
__________________
(١) التفسير والمفسرون ، ج ١ ، ص ٢٥٥ وص ٢٦٤.
(٢) محمد / ٢٤.
(٣) الدخان / ٥٨.