خطورة أمر الترجمة
قلنا : إن شرائط الترجمة ثقيلة ، وقلّ من توجد فيه هذه الصلاحية الخطيرة ؛ إذ من الصّعب جدّا أن يحيط إنسان علما باللغتين في جميع مزاياهما الكلامية : اللفظية والمعنوية ، عارفا بأنواع الاستعارات والكنايات الدارجة في كلتا اللغتين ، قادرا على إفراغ جميع مناحي الكلام من قالب إلى قالب آخر ، يماثله ويحاكيه تماما.
هذا فضلا عن لزوم ارتقاء مستواه العلمي والأدبي إلى حيث مستوى الكلام المترجم أو ما يقاربه ، وهذا أثقل الشروط وأخطرها عند مزلّات الأقدام ومزالق الأقلام.
وسنذكر نماذج من تراجم قام بها رجال كبار ، ولكن لم يسعد لهم الحظّ لمواصلة المسيرة بسلام ، فكم من زلّات أعفوها ولا مجال لإعفائها ، ولا سيما في مثل كلام الله العزيز الحميد.
أساليب الترجمة
إذ كانت الترجمة نوعا من التفسير والإيضاح بلغة أخرى في إيجاز وإيفاء ، وبالأحرى هو إفراغ المعنى من قالب إلى قالب آخر أكشف للمراد ، بالنسبة إلى اللغة المترجم إليها ، فلا بدّ أن يعمّد المترجم إلى تبديل قوالب لفظية إلى نظيراتها من غير لغتها ، بشرط الوفاء بتمام المراد ، الأمر الذي يمكن الحصول عليه من وجوه :
الأوّل : أن يعمد المترجم إلى تبديل كل لفظة إلى مرادفتها من لغة أخرى ، فيضعها بإزائها ، ثم ينتقل إلى لفظة ثانية بعدها وثالثة ، وهكذا على الترتيب حتى نهاية الكلام.