نواحي القرآن الثلاث
للقرآن الكريم نواح ثلاث تجمّعن فيه ، وبذلك أصبح القرآن كتابا سماويا ذا قدسيّة فائقة ، وممتازا على سائر الكتب النازلة من السماء :
أوّلا : كلام إلهي ذو قدسيّة ملكوتيّة ، يتعبّد بقراءته ويتبرّك بتلاوته.
ثانيا : هدى للناس ، يهدي إلى الحق وإلى صراط مستقيم.
ثالثا : معجزة خالدة ، دليلا على صدق الدعوة عبر العصور.
تلك نواح ثلاث خطيرة تجمّعن في هذا الكتاب ، رهن نظمه الخاص في لفظه ومعناه ، وأسلوبه الفذّ في الفصاحة والبيان ، ومحتواه الرفيع في نظمه وتشريعاته.
وبعد ، فهل بإمكان الترجمة ـ من أيّة لغة كانت ـ الوفاء بتلكم النواحي أم ببعضها على الأقلّ ، أم تذهب بهنّ جمع أدراج الرّياح؟! الأمر الذي يحدّد أبعاد بحثنا في هذا المجال ، فنقول :
أما الترجمة الحرفيّة فإنها تفتقد دلائل الإعجاز أوّلا ، ولا سيما البيانيّ منها القائم على أعلى درجات البلاغة ، كما تعوزها تلك القدسيّة المعهودة بشأن القرآن ، فلا تجري عليها الأحكام الشرعية المترتّبة على هذا العنوان الخاص (القرآن الكريم) ، وأخيرا فإنها تخون في التأدية أحيانا ، إن لم يكن في الأغلب.
لكن الترجمة المعنوية ـ الحرّة غير المتقيّدة بنظم الأصل ـ فإنها تواكب أختها غالبا في افتقاد دلائل الإعجاز ، وكذا في الذهاب بقدسيّة القرآن الخاصة بهذا العنوان ، نعم سوى الإيفاء بالمعنى إن قامت على شروطها اللازمة ، وإليك التفصيل :