شك في اعتمادهم ، وإن فسّره بما شاهده من الأسباب والقرائن فلا شك فيه. وحينئذ إن تعارضت أقوال جماعة من الصحابة ، فإن أمكن الجمع فذاك ، وإن تعذّر قدّم ابن عباس (١).
وسيأتي نقل كلامه في الرجوع إلى التابعي.
هذا ما يقتضيه ظاهر البحث في هذا المجال. وأمّا الذي جرى عليه مذهب علمائنا الأعلام ، فهو : إنّ التفسير المأثور من الصحابي ـ مهما كان على جلالة من القدر والمنزلة ـ فإنّه موقوف عليه ، لا يصحّ إسناده إلى النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ما لم يسنده هو بالذات. وهذا منهم مطلق ، سواء أكان للرأي فيه مدخل أم لا ؛ لأنه إنّما نطق عن علمه ، حتى ولو كان مصدره التعليم من النبي ، ما لم يصرّح به ؛ إذ من الجائز أنه من استنباطه الخاص ، استخرجه من مبان وأصول تلقّاها من حضرة الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم. أمّا التنصيص على هذا الفرع المستنبط بالذّات فلم يكن من النبي ، وإنما هو من اجتهاد الصحابي الجليل ، ومرتبط مع مبلغ فطنته وسعة دائرة علمه ، والمجتهد قد يخطأ ، وليس الصواب حليفه دائما ، ما لم يكن معصوما.
ومن ثم فإنّ الذي يصدر من أئمتنا المعصومين عليهمالسلام نسنده إليهم ، وإن كنا على علم ويقين أنه تعلّم من ذي علم عليم ، ذلك أنّه حجة لدينا ؛ لأنّه صادر من منبع معصوم.
ميزان تفسير الصحابي
يمتاز تفسير الصحابي بأمور خمسة لم تتوفّر جميعا في سائر التفاسير
__________________
(١) البرهان ، ج ٢ ، ص ١٧٢.