قال الإمام بدر الدين الزركشي : لطالب التفسير مآخذ كثيرة ، أمهاتها أربعة :
الأوّل : النقل عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وهذا هو الطراز الأول ، لكن يجب الحذر من الضعيف فيه والموضوع ، فإنه كثير.
الثاني : الأخذ بقول الصحابي ، فإن تفسيره عندهم بمنزلة المرفوع إلى النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم كما قاله الحاكم في تفسيره. وقال أبو الخطاب ـ من الحنابلة ـ :
يحتمل أن لا يرجع إليه إذا قلنا : إنّ قوله ليس بحجة! والصواب الأول ؛ لأنه من باب الرواية لا الرأي.
وقد أخرج ابن جرير عن مسروق بن الأجدع قال : قال عبد الله بن مسعود : والذي لا إله الا هو ، ما نزلت آية في كتاب الله إلّا وأنا أعلم فيمن نزلت وأين نزلت ، ولو أعلم مكان أحد أعلم بكتاب الله منّي تناله المطايا لأتيته. وقال أيضا : كان الرجل منّا إذا تعلّم عشر آيات لم يتجاوزهنّ حتى يعلم معانيهنّ ، والعمل بهنّ.
قال : وصدور المفسّرين من الصحابة ، عليّ ثم ابن عباس ـ وهو تجرّد لهذا الشأن ـ والمحفوظ عنه أكثر من المحفوظ عن عليّ ، إلّا أن ابن عباس كان أخذ عن عليّ عليهالسلام ، ويتلوه عبد الله بن عمرو بن العاص. وكل ما ورد عن غيرهم من الصحابة فحسن مقدم (١).
وأخيرا قال : واعلم أنّ القرآن قسمان : أحدهما ورد تفسيره بالنقل عمّن يعتبر تفسيره ، وقسم لم يرد. والأول ثلاثة أنواع : إما أن يرد التفسير عن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم أو عن الصحابة ، أو عن رءوس التابعين. فالأول : يبحث فيه عن صحة السند. والثاني : ينظر في تفسير الصحابي ، فإن فسّره من حيث اللغة ، فهم أهل اللّسان ، فلا
__________________
(١) البرهان ، ج ٢ ، ص ١٥٦ ـ ١٥٧.