لِلْبَشَرِ) فالحاكم أطلق في المستدرك وخصّص في علوم الحديث ، فاعتمد الناس تخصيصه. وأظن أن ما حمله في المستدرك على التعميم الحرص على جمع الصحيح ، حتى أورد ما ليس من شروط المرفوع ، وإلّا ففيه من الضرب الأول الجمّ الغفير. على أني أقول : ليس ما ذكره عن أبي هريرة من الموقوف ؛ لما تقدّم من أنّ ما يتعلّق بذكر الآخرة وما لا مدخل للرأي فيه ، من قبيل المرفوع (١).
وعلى أيّة حال ، فإن التفسير المأثور عن صحابي جليل ـ إذا صحّ الطريق إليه ـ فإنّ له اعتباره الخاص. فإمّا أن يكون قد أخذه من رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وهو الأكثر فيما لا يرجع إلى مشاهدات حاضرة أو فهم الأوضاع اللغوية الأولى أو ما يرجع إلى آداب ورسوم جاهلية بائدة ، كان الصحابة يعرفونها ، وأشباه ذلك. فإن كان لا يرجع إلى شيء من ذلك ، فإنّ من المعلوم بالضرورة أنه مستند إلى علم تعلّمه من ذي علم. هذا ما يقتضيه مقام إيمانه الذي يحجزه عن القول الجزاف.
وإلّا فهو موقوف عليه ومستند إلى فهمه الخاص ، ولا ريب أنه أقرب فهما إلى معاني القرآن ، من الذي ابتعد عن لمس أعتاب الوحي والرسالة ، وحتى عن إمكان معرفة لغة الأوائل ، وعادات كانت جارية حينذاك.
وهكذا صرّح العلامة الناقد السيد رضي الدين بن طاوس المتوفى سنة (٦٦٤) بشأن العلماء من صحابة الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : «إنهم أقرب علما بنزول القرآن» (٢).
__________________
(١) تدريب الراوي ، ج ١ ص ١٩٣ (ط ٢ ـ ١٣٩٩ ه)
(٢) في كتابه القيّم (سعد السعود) الذي عالج فيه نقد أكثر من سبعين كتابا في تفسير القرآن ، كانت في متناوله ذلك العهد. (ط نجف) ص ١٧٤.