جاء الولد أحول ، فأنزل الله عزوجل (نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ ...)(١). قال : هذا الحديث وأشباهه مسندة عن آخرها ، وليست بموقوفة ، فإن الصحابي الذي شهد الوحي والتنزيل ، فأخبر عن آية من القرآن أنها نزلت في كذا وكذا ، فإنه حديث مسند (٢).
وهكذا قيّد ابن الصلاح والنووي وغيرهما ذاك الإطلاق بما لا يرجع إلى معرفة أسباب النزول المشاهدة ، ونحو ذلك مما يمكن معرفته للصحابة بالمشاهدة والعيان. نعم إذا كان مما لا مجال للرأي فيه ، مما يعود إلى ما وراء الحسّ من قبيل أمر الآخرة ونحو ذلك ، فإن مثل ذلك حديث مسند ، مرفوع إلى النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم نظرا لموضع عدالة الصحابة ، وتنزيهه عن القول على الله بغير علم ، ولا مستند إلى ركن وثيق.
قال النووي ـ في التقريب ـ : وأما قول من قال : تفسير الصحابي مرفوع ، فذاك في تفسير يتعلّق بسبب نزول آية أو نحوه ، وغير موقوف.
قال السيوطي ـ في شرحه ـ : كقول جابر : كانت اليهود تقول : من أتى امرأته من دبرها في قبلها ، جاء الولد أحول ، فأنزل الله تعالى : (نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ ...) رواه مسلم ، أو نحوه مما لا يمكن أن يؤخذ إلّا عن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ولا مدخل للرأي فيه.
قال : وكذا يقال في التابعي ، إلّا أن المرفوع من جهته مرسل.
قال : ما خصّص به المصنف كابن الصلاح ومن تبعهما قول الحاكم ، قد صرح به الحاكم في «علوم الحديث» ، ثم ذكر حديث أبي هريرة في قوله تعالى : (لَوَّاحَةٌ
__________________
(١) البقرة / ٢٢٣.
(٢) معرفة علوم الحديث ص ١٩ ـ ٢٠.