ذكر ذلك في موضعين من مستدركه (١) ، وهو عام سواء أكان ذلك مما لا طريق إلى معرفته سوى الوحي أم لم يكن كذلك ، وكان مما يمكن أن يراه الصحابي أو شاهده بنفسه. ومن ثم كان هذا الكلام على عمومه وإطلاقه محل إشكال ؛ لذلك رجع عنه في كتابه الذي وصفه لمعرفة علوم الحديث.
قال هناك : إن من الحديث ما يكون موقوفا على الصحابي ، غير مرفوع إلى النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، كما إذا قال الصحابي : رأيت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يفعل كذا أو يأمر بكذا ، أو إن أصحابه كانوا يصنعون كذا ، مثل ما روي عن المغيرة بن شعبة ، قال : كان أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يقرعون بابه بالأظافير. قال الحاكم : هذا حديث يتوهمه من ليس من أهل الصنعة مسندا ؛ لذكر رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وليس بمسند فإنه موقوف على صحابي ، حكى عن أقرانه من الصحابة فعلا. وهكذا إذا قال الصحابي : إنه صلىاللهعليهوآلهوسلم كان يقول كذا ، وكان يفعل كذا ، وكان يأمر بكذا وكذا.
قال : ومن الموقوف ما رويناه عن أبي هريرة ، في قول الله ـ عزوجل ـ (لَوَّاحَةٌ لِلْبَشَرِ)(٢) قال : تلقاهم جهنم يوم القيامة فتلفحهم لفحة ، فلا تترك لحما على عظم إلّا وضعت على العراقيب.
قال : وأشباه هذا من الموقوفات ، تعدّ في تفسير الصحابة (٣).
قال : فأما ما نقول في تفسير الصحابي ، مسند ، فإنما نقوله في غير هذا النوع ، كما في حديث جابر ، قال : كانت اليهود تقول : من أتى امرأته من دبرها في قبلها
__________________
(١) المستدرك ، ج ٢ ، ص ٢٥٨ ، وفي ص ٢٦٣ أيضا.
(٢) المدثّر / ٢٩.
(٣) بناء على أن هذا التفسير من أبي هريرة كان من عنده ، ولعلّه استظهارا من لفظ الآية! ولكن سيأتي عن السيوطي أنه مما لا سبيل إلى معرفته سوى الوحي ، فهو من المسند المرفوع إلى النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم.