الإفادة بأصل المراد.
أمّا الطريق الثاني ـ وهو طريق حنين بن إسحاق والجوهري ـ فهو : أن يأتي بتمام الجملة ويتحصّل معناها في ذهنه ، ثم يعبّر عنها من اللغة الأخرى بجملة تطابقها في إفادة المعنى المراد وإيفائه ، سواء أساوت الألفاظ أم خالفتها. وهذا الطريق أجود ، ولهذا لم يحتج كتب حنين بن إسحاق إلى تهذيب إلّا في العلوم الرياضية ؛ لأنه لم يكن قيّما بها ، بخلاف كتب الطبّ والمنطق والطبيعي والإلهي ، فإنّ الذي عرّبه منها لم يحتج إلى الإصلاح ... (١)
الثالث : أن يبسّط في الترجمة ويشرح مقصود الكلام شرحا وافيا ، فهذا من التفسير بلغة أخرى ، وليست ترجمة محضة حسب المصطلح.
وقد تلخّص البحث في أنحاء الترجمة إلى ثلاثة أساليب :
١ ـ الترجمة الحرفية ، أو الترجمة اللفظية ، أو تحت اللفظية ، وهي طريقة مرفوضة وغير موفّقة إلى حدّ بعيد.
٢ ـ الترجمة المعنوية ، أو الترجمة التفسيرية غير المبسّطة ، ويطلق عليها : الترجمة المطلقة (المسترسلة) غير المتقيّدة بنظم الأصل ، وهي طريقة معقولة.
٣ ـ الترجمة التفسيرية المبسّطة ، وهي إلى الشرح والتفسير أقرب منه إلى الترجمة.
ولننظر الآن في مسألة ترجمة القرآن الكريم بالذات ، من نواحيها المختلفة ، وعلى كلا أسلوبي الترجمة : الحرفية والمعنوية ، فنقول :
__________________
(١) الكشكول (ط حجرية) ، ص ٢٠٨. و (ط مصر ١٣٧٠ ه) ، ج ١ ، ص ٣٨٨.