البصرة سنة (١٧) واليا عليها من قبل عمر ، بعد أن عزل المغيرة ، ثم أقرّه عثمان ، وبعد فترة عزله ، فسار إلى الكوفة. ولما أن عزل سعيدا استعمله عليها ، وعزله الإمام أمير المؤمنين عليهالسلام ، فكان يراود معاوية في سرّ ، ولأخوّة قديمة كانت بينهما ، كما يبدو من وصية معاوية لابنه يزيد بشأن أبي بردة ابن أبي موسى الأشعري (١). كان منحرفا عن علي عليهالسلام وافتضح أمره يوم الحكمين.
وهو الذي فقّه أهل البصرة وأقرأهم. قال ابن حجر : وتخرّج على يديه جماعة من التابعين ومن بعدهم (٢). وأخرج الحاكم عن أبي رجاء ، قال : تعلّمنا القرآن عن أبي موسى الأشعري في هذا المسجد ـ يعني مسجد البصرة ـ وكنّا حلقا حلقا ، وكأنما أنظر إليه بين ثوبين أبيضين (٣).
وكانت مدرسته ذات انحراف شديد ، ومن ثم كانت البصرة من بعده أرضا خصبة لنشوء كثير من البدع والانحرافات الفكريّة والعقائدية ، ولا سيّما في مسائل الأصول والإمامة والعدل.
قال عبد الكريم الشهرستاني : وسمعت من عجيب الاتفاقات أن أبا موسى الأشعري (المتوفّى سنة ٤٤) كان يقرّر عين ما يقرّر حفيده أبو الحسن الأشعري (المتوفّى سنة ٣٢٤) في مذهبه ، وذلك قد جرت مناظرة بين عمرو بن العاص وبينه ، فقال عمرو : أين أجد أحدا أحاكم إليه ربّي؟ فقال أبو موسى : أنا ذلك المتحاكم إليه. فقال عمرو : أو يقدّر عليّ شيئا ثم يعذّبني عليه؟ قال أبو موسى : نعم ،
__________________
(١) طبقات ابن سعد ، ج ٤ ، ص ٨٣ ق ١.
(٢) تهذيب التهذيب ، ج ٥ ، ص ٣٦٢.
(٣) المستدرك على الصحيحين ، ج ٢ ، ص ٢٢٠.