الرأس.
أم قرئ بالنصب عطفا على المحل ؛ لأن محل «برءوسكم» نصب مفعولا به لامسحوا ، وهو فعل متعد يقتضي النصب. وقد أقحمت «الباء» إقحاما لحكمة إفادة التبعيض ، حسبما عرفت.
وقد قرأ النصب أيضا ثلاثة من السبعة : نافع وابن عامر والكسائي. وحفص الراوي الآخر لعاصم ، وهي القراءة المسندة إلى أبي عبد الرحمن السّلمي عن أمير المؤمنين عليهالسلام. وقد مضى شرحها في فصل القراءات من التمهيد (١).
غير أن القراءة بالنصب تستدعي الاستيعاب ، (٢) لتعلّق الفعل «امسحوا» بالممسوح بلا واسطة ، وحيث حدّدت الأرجل بالكعبين كالأيدي بالمرفقين ، كان ظاهره إرادة استيعاب ما بين الحدّين (من رءوس الأصابع إلى الكعبين) ، الأمر الذي يؤكد صحّة قراءة النصب ، وهي القراءة التي جرى عليها المسلمون ، وهي المختارة حسب الضوابط التي قدّمناها. وعلى أيّ تقدير ، سواء أقرئ بالخفض أم بالنصب ، فهو عطف على الرءوس ، وليس عطفا على الأيدي ، فلا موجب لإرادة الغسل في الأرجل.
ومن ثمّ فظاهر الكتاب هو «المسح» كما نصّ عليه أئمة أهل البيت. وعن
__________________
(١) التمهيد ، ج ٢ ، ص ١٥٩ و ٢٣٢.
(٢) أي الاستيعاب طولا من رءوس الأصابع إلى الكعبين.
فقد روى الكليني بإسناده الصحيح إلى أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي عن الإمام أبي الحسن الرضا عليهالسلام قال : سألته عن المسح على القدمين كيف هو؟ فوضع كفّه على الأصابع فمسحها إلى الكعبين إلى ظاهر القدم ، فقلت : لو أن رجلا قال بإصبعين من أصابعه هكذا؟ قال : لا إلّا بكفّه.(الكافي الشريف ، ج ٣ ، ص ٣٠ رقم ٦)
أما ما ورد من الاجتزاء بثلاثة أصابع (أنّ المسح على بعضها ـ المصدر رقم ٤) فهو ناظر إلى جانب العرض.