عامة ـ على ترجمته ، بأيّة لغة كانت. ويوافقهم على هذا الرأي أصحاب سائر المذاهب من عدا أبي حنيفة وأصحابه ، فقد أجازوا في الصلاة قراءة ترجمة الفاتحة بالفارسيّة استنادا إلى ما روي : أنّ الفرس كتبوا إلى سلمان الفارسي رضى الله عنه أن يكتب لهم الفاتحة بالفارسيّة ، فكانوا يقرءون ذلك في صلاتهم ، حتى لانت ألسنتهم للعربية.
أما أبو حنيفة فقد أجاز ذلك مطلقا ، وأمّا صاحباه (أبو يوسف ومحمد) فقد أجازا لمن لا يحسن العربية (١). وكان الحبيب العجمي ـ صاحب الحسن البصري ـ يقرأ القرآن في الصلاة بالفارسيّة ، لعدم انطلاق لسانه باللّغة العربية (٢).
وقد أفتى بالجواز ـ عند العجز ـ الشيخ محمّد بخيت ، مفتي الديار المصرية ـ سابقا ـ فتوى لأهل الترانسفال ، استنادا إلى فعلة الحبيب العجمي (٣) ، وسيأتي تفصيل ذلك مشروحا.
هذا ومن ناحية أخرى فإن الترجمة الحرفية (تحت اللفظية) تخون في التأدية ولا تفي بإفادة المعنى المراد في كثير من الأحيان ، إن لم تشوّه المعنى وتشوشه على أذهان القرّاء والمستمعين ، على ما سبق بعض الأمثلة على ذلك ، وسيأتي مزيد بيان.
وعليه فقد صحّ القول : بأن الترجمة الحرفية تذهب برواء الكلام ، فضلا عن بلاغته الأولى التي كانت من أهل دلائل الإعجاز في القرآن ، كما لم يصح إسناد
__________________
(١) راجع : المبسوط للسرخسي ، ج ١ ، ص ٣٧.
(٢) شرح مسلّم الثبوت ، بنقل المراغي شيخ الأزهر في رسالته (بحث عن ترجمة القرآن) ، ص ١٧.
(٣) الأدلة العلمية لفريد وجدي ، ص ٥٨.