برأ النسمة إلّا بما في قراب سيفي هذا. فاستثناء القرآن بالتخصيص دليل على إجماعهم بأنّ القرآن وعلمه تنزيله وتأويله مخصوص بهم.
«ولقد كان حبر الأمّة عبد الله بن عباس رضى الله عنه مصدر تفسير جميع المفسّرين ، وقد دعا له رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بأن قال : «اللهمّ فقّهه في الدين وعلّمه التأويل. تتلمذ لعليّ رضى الله عنه حتى فقّهه في الدين وعلّمه التأويل.
قال : «ولقد كنت على حداثة سنّي أسمع تفسير القرآن من مشايخي سماعا مجرّدا ، حتى وفقت فعلّقته على أستاذي ناصر السنّة أبي القاسم سلمان بن ناصر الأنصاري رضى الله عنه تلقّفا. ثمّ أطلعني مطالعات كلمات شريفة عن أهل البيت وأوليائهم ـ رضي الله عنهم ـ على أسرار دفينة وأصول متينة في علم القرآن ، وناداني من هو في شاطئ الوادي الأيمن في البقعة المباركة من الشجرة الطيّبة : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ)(١) فطلبت الصادقين طلب العاشقين ، فوجدت عبدا من عباد الله الصالحين ، كما طلب موسى عليهالسلام مع فتاه ، (فَوَجَدا عَبْداً مِنْ عِبادِنا آتَيْناهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنا وَعَلَّمْناهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْماً)(٢). فتعلّمت منه مناهج الخلق والأمر ، ومدارج التضادّ والترتيب ، ووجهي العموم والخصوص ، وحكمي المفروغ والمستأنف. فشبعت من هذا المعاء الواحد دون الأمعاء التي هي مآكل الضلّال ومداخل الجهّال ، وارتويت من شرب التسليم بكأس كان مزاجه من تسنيم ، فاهتديت إلى لسان القرآن : نظمه وترتيبه وبلاغته وجزالته وفصاحته وبراعته» (٣).
__________________
(١) التوبة / ١١٩.
(٢) الكهف / ٦٥.
(٣) عن مقدمة تفسيره الذي أسماه «مفاتيح الأسرار ومصابيح الأبرار» مخطوط.