وروى ابن سعد عن حماد بن زيد عن أيّوب ، قال : نازلت الحسن في القدر غير مرّة ، حتى خوّفته السلطان ، فقال : لا أعود فيه بعد اليوم. وعن أبي هلال ، قال : سمعت حميدا وأيّوب يتكلّمان ، فسمعت حميدا يقول لأيّوب : لوددت أنّه قسم علينا غرم ، وأن الحسن لم يتكلم بالذي تكلّم به ، قال أيّوب : يعني في القدر! (١).
قال عبد الكريم الشهرستاني : ورأيت رسالة نسبت إلى الحسن البصري كتبها إلى عبد الملك بن مروان (٢) وقد سأله عن القول بالقدر والجبر ، فأجابه فيها بما يوافق مذهب القدرية. واستدل فيها بآيات من الكتاب ودلائل من العقل. قال : ولعلّها لواصل بن عطاء ، فما كان الحسن ممّن يخالف السلف في أن القدر خيره وشرّه من الله تعالى. فإن هذه الكلمات كالمجمع عليها عندهم. قال : والعجب أنه حمل هذا اللفظ (الخير والشر كلّه من الله) الوارد في الخبر ، على البلاء والعافية ، والشدة والرخاء ، والمرض والشفاء ، والموت والحياة ، إلى غير ذلك من أفعال الله تعالى ، دون الخير والشر ، والحسن والقبيح ، الصادرين من اكتساب العباد ، وكذلك أورده جماعة من المعتزلة في المقالات عن أصحابهم (٣).
وللحسن البصري آراء معروفة في التفسير ، وكانت روايته المشهورة عن طريق عمرو بن عبيد المعتزلي (توفّي سنة ١٤٤) ، واستخدمه الثعلبي في كتابه
__________________
(١) الطبقات ، ج ٧ ، ق ١ ، ص ١٢٢.
(٢) ينسب له القاضي عبد الجبار رسالة في العدل والتوحيد ، أرسلها إلى عبد الملك بن مروان. (هامش الأصول الخمسة ، ص ١٣٧) قال المحقق التستري : والرسالة رأيتها في مكتبة الطهراني بكربلاء ، وهي كما قال الشهرستاني رسالة حسنة مشتملة على أدلّة متقنة. (قاموس الرجال ، ج ٣ ، ص ١٣٧)
(٣) الملل والنحل ، ج ١ ، ص ٤٧.