إلا بالشرك ، قال : فأتمرا فيها فغلبتهما الشهوة التي جعلت فيهما ، فقالا لها : نجيبك إلى ما سألتي ، قالت : فدونكما فاشربا هذه الخمر فإنه قربان لكما عنده ، وبه تصلان إلى ما تريدان ، قال الإمام الباقر : فأتمرا بينهما ، فقالا : هذه ثلاث خصال مما قد نهانا ربنا عنها : الشرك والزنا وشرب الخمر ، وإنما ندخل في شرب الخمر حتى نصل إلى الزنا ، فأتمرا بينهما ثم قالا لها : ما أعظم البلية بك ، قد أجبناك إلى ما سألتي ، قالت فدونكما فاشربا من هذه الخمر واعبدا الصنم واسجدا ، قال الإمام : فشربا الخمر وسجدا له ، ثم راوداها عن نفسها فلما تهيأت لهما وتهيئا دخل عليهما سائل يسأل فلما أن رأياه ذعرا منه ، فقال لهما : أنكما لمريبان ، ذعران ، قد خلوتما بهذه المرأة العطرة الحسناء ، إنكما لرجلا سوء ، فخرج عنهما ، فقالت لهما : لا وإلهي ما أصل إلى أن تقرباني وقد اطلع هذا الرجل على حالكما وعرف مكانكما ، خرج الآن فيخبر بخبر كما ولكن بادرا هذا الرجل فاقتلاه قبل أن يفضحكما ويفضحني ، ثم دونكما فاقضيا حاجتكما وأنتما مطمئنان آمنان ، قال الإمام الباقر : فقاما إلى الرجل فأدركاه فقتلاه ثم رجعا إليها فلم يرياها وبدت لهما سوأتهما ونزع عنهما رياشهما وأسقط في أيديهما ، قال : فأوحى الله إليهما أنما أهبطتكما مع خلقي ساعة من نهار فعصيتماني بأربع معاصي كلها قد نهيتكما عنها وتقدمت إليكما فيها فلم تراقباني ولم تستحيا مني وقد كنتما أشد من ينقم على أهل الأرض من فعل المعاصي غضبي لما جعلت فيكم من صنع خلقي وعصمتي إياكم من المعاصي ، فكيف رأيتما موضع خذلاني فيكما ، اختارا عذاب الدنيا أم عذاب الآخرة؟ فقال أحدهما : نتمتع من شهواتنا في الدنيا إذ صرنا إليها إلى أن نصير إلى عذاب الآخرة ، وقال الآخر : إن عذاب الدنيا له مدة وانقطاع ، وعذاب الآخرة دائم لا انقطاع له فلسنا نختار عذاب الآخرة الدائم الشديد على عذاب الدنيا الفاني المنقطع ، قال الإمام الباقر : فاختارا عذاب الدنيا ، فكانا يعلمان السحر بأرض بابل ، ثم لما علم الناس السحر ، رفعا من الأرض إلى الهواء فهما معذبان منكسان معلقان في الهواء إلى يوم القيامة (١).
__________________
(١) تفسير العياشي ، محمد بن مسعود ، ١ / ٥٢ ـ ٥٤+ مجمع البيان ، الطبرسي ، ١ / ١٧٢ ـ ١٧٦+ مقتنيات الدرر ، الحائري ، ١ / ٢٥٤ ـ ٢٥٦.