ثانيا : في قوله تعالى : (... سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ)(١).
روي عن جابر بن يزيد الجعفي قال : سألت أبا جعفر عن الغلول؟ فقال : كل شيء غل من الإمام فهو سحت وأكل مال اليتيم سحت وشبهه سحت ، والسحت أنواع كثيرة منها أجور الفواحش وثمن الخمر والنبيذ والمسكر والربا بعد البينة ، وأما الرشا في الحكم فان ذلك الكفر بالله العظيم وبرسوله (صلىاللهعليهوآله) (٢).
وتضمنت الآية تحريم أكل الحرام مطلقا ويدخل فيه الاكتساب بعون الظالم ، وفي الآية حكم تكليفي وحكم وضعي ، فالحكم التكليفي قد تقدم (الحرمة) والوضعي هو المنع من ترتب الأثر فلا تتحقق الملكية بالثمن السحت فمن اخذ مال من قطع طريق أو سرقة فلا يمتلك ما يشتري به ، وقد قال الإمام الباقر (عليهالسلام) : لا خير في شيء اصله حرام ولا يحل استعماله (٣).
وهناك آيتين ورد تفسيرهما عن الإمام الباقر وهما : الملك / ١٥ والنور / ٣٣ (٤).
* المطلب الثاني : الشهادة في الحقوق :
في قوله تعالى في آية الدين : (... وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجالِكُمْ ...)(٥).
السين للطلب ، وفي الآية حكم باشتراط الاثنينية في الشهادة ، فدلت على عدم قبول شهادة الواحد ، وقد اختلف الفقهاء بالنسبة للحقوق في القضاء فيها بشاهدين أو بشاهد ويمين.
ذهب اكثر الفقهاء إلى القضاء بالشاهد واليمين ، وقد روي ذلك عن الخلفاء الأربعة ، وفقهاء المدينة السبعة وإليه ذهب مالك والشافعي وأحمد والظاهرية واستدلوا بقضاء النبي (صلىاللهعليهوآله) فيما رووه بالشاهد واليمين (٦).
__________________
(١) المائدة / ٤٢.
(٢) التهذيب ، الشيخ الطوسي ، ٢ / ١١٠+ فروع الكافي ، الكليني ، ١ / ٣٦٣+ وسائل الشيعة ، الحر العاملي ، ٦ / ٦١ ـ ٦٢.
(٣) من لا يحضره الفقيه الصدوق ، ٢ / ٣٣٧.
(٤) قلائد الدرر ، الشيخ الجزائري ، ٢ / ٢١١ ـ ٢١٨.
(٥) البقرة / ٢٨٢.
(٦) ظ : المدونة ، سحنون ، ١٣ / ٣٣+ بداية المجتهد ، ابن رشد ، ٢ / ٥٠٧+ مغني المحتاج ، الشربيني ، ٤ / ٤٤٣+ المحلى ، ابن قدامة ، ٩ / ٤٠٤+ نيل الأوطار ، الشوكاني ، ٨ / ٢٩٥.