الصفا وألقى حواء على المروة ، قال : فلما ألقيا قاما على أرجلهما ورفعا رءوسهما إلى السماء وضجا بأصواتهما بالبكاء إلى الله تعالى وخضعا بأعناقهما ، قال الإمام : فهتف الله بهما : ما يبكيكما بعد رضاي عنكما؟ قال : فقالا : ربنا أبكتنا خطيئتنا وهي أخرجتنا من جوار ربنا ، وقد خفي عنا تقديس ملائكتك لك ، ربنا وبدت لنا عوراتنا واضطرنا ذنبنا إلى حرث الدنيا ومطعمها ومشربها ودخلتنا وحشة شديدة لتفريقك بيننا ، قال : فرحمهما الرحمن الرحيم عند ذلك ، وأوحى إلى جبرئيل أنا الله الرحمن الرحيم وأني قد رحمت آدم وحواء لما شكيا إلي فاهبط عليهما بخيمة من خيام الجنة وعزهما عني بفراق الجنة ، وأجمع بينهما في الخيمة على الترعة التي بين جبال مكة ، قال الإمام : والترعة مكان البيت وقواعده التي رفعها الملائكة قبل ذلك ، فهبط جبرئيل على آدم بالخيمة على مقدار أركان البيت وقواعده فنصبها ، قال : وأنزل جبرئيل آدم من الصفا وأنزل حواء من المروة وجمع بينهما بالخيمة ، قال الإمام : وكان عمود الخيمة قضيب ياقوت أحمر فأضاء نوره وضوؤه جبال مكة وما حولها ، قال : وكلما امتد ضوء العمود فجعله الله حرما لحرمة الخيمة والعمود ، لأنهن من الجنة ولذلك جعل الله الحسنات في الحرم مضاعفة والسيئات فيه مضاعفة ، قال الإمام : ومدت اطناب الخيمة حولهما فمنتهى أوتادها ما حول المسجد الحرام ، قال : وكانت أوتادها من غصون الجنة وأطنابها من ظفائر الأرجوان ، قال : فأوحى الله إلى جبرئيل أهبط على الخيمة سبعين ألف ملك يحرسونها من مردة الجن ويؤنسون آدم وحواء ويطوفون حول الخيمة تعظيما للبيت والخيمة ، قال : فهبطت الملائكة فكانوا بحضرة الخيمة يحرسونها من مردة الشياطين والعتاة ، ويطوفون حول أركان البيت والخيمة كل يوم وليلة كما كانوا يطوفون في السماء حول البيت المعمور ، قال : ثم إن الله أوحى إلى جبرئيل بعد ذلك أن اهبط إلى آدم وحواء فنحهما عن مواضع قواعد بيتي لأني أريد أن أهبط في ظلال من ملائكتي إلى أرضي فارفع أركان بيتي لملائكتي ولخلقي من ولد آدم ، قال : فهبط جبرئيل على آدم وحواء فأخرجهما من الخيمة ونحاهما عن ترعة البيت الحرام