السنة بالسعي بين الصفا والمروة ولذلك قال الله تعالى : (إِنَّ الصَّفا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعائِرِ اللهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُناحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِما ...)(١) ، قال : ثم إن جبرئيل أتاهما فأنزلهما من المروة وأخبرهما أن الجبار تبارك وتعالى قد هبط إلى الأرض فرفع قواعد البيت الحرام بحجر من الصفا وحجر من المروة وحجر من طور سيناء وحجر من جبل السلام وهو بظاهر الكوفة ، فأوحى الله إلى جبرئيل أن ابنه وأتمه ، قال : فاقتلع جبرئيل الأحجار الأربعة بأمر من الله من مواضعهن بجناحيه فوضعهما حيث أمرهما الله في أركان البيت على قواعده التي قدرها الجبار ونصب أعلامها ثم أوحى إلى جبرئيل أن ابنه وأتمه بحجارة من أبي قبيس واجعل له بابين ، باب شرقي وباب غربي ، قال : فأتمه جبرئيل فلما أن فرغ منه طافت الملائكة حوله فلما نظر آدم وحواء إلى الملائكة يطوفون حول البيت انطلقا فطافا في البيت سبعة أشواط ثم خرجا يطلبان ما يأكلان وذلك من يومهما الذي هبط بهما فيه (٢).
ويبقى الإمام الباقر في أجواء هذه القصة القرآنية يبين للناس ما تنطوي من العظة والعبرة والهدف ، فهو يروي عن آبائه عن جده رسول الله (صلىاللهعليهوآله) ما يزين أنبياء الله ولا ينقص من قدرهم ومكانتهم وعصمتهم ، مستلهما لما في النص القرآني من درس ومرمى ، فيختتم قصة آدم وحواء بتوبتهما والكلمات التي تلقياها ففي تفسير قوله تعالى : (... فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِماتٍ فَتابَ عَلَيْهِ)(٣) في أصح رواية أخرجها العياشي والطبرسي عن محمد بن مسلم عن الإمام الباقر أنه قال : الكلمات هي اللهم لا إله إلا أنت سبحانك وبحمدك ربي إني ظلمت نفسي فاغفر لي إنك خير الغافرين ، اللهم لا إله إلا أنت سبحانك وبحمدك ربي إني ظلمت نفسي فارحمني إنك خير الراحمين ، اللهم لا إله إلا أنت سبحانك وبحمدك ربي إني ظلمت نفسي فتب عليّ إنك أنت التواب الرحيم (٤).
__________________
(١) البقرة / ١٥٨.
(٢) تفسير القمي ، ١ / ٤٥+ تفسير العياشي ، محمد بن مسعود ، ١ / ٣٥ ـ ٣٩.
(٣) البقرة / ٣٧.
(٤) تفسير العياشي ، محمد بن مسعود ، ١ / ٤١+ مجمع البيان ، الطبرسي ، ١ / ٨٩. وقد رواها الحافظ ابن كثير في تفسيره عن مجاهد ، ١ / ٨١ وكذلك الرازي عن ابن عباس ، ٢ / ٢٠ ، ٢١ ، وهناك رواية أخرى أخرجها السيوطي عن الإمام الباقر في الدر المنثور ، ١ / ٦٠ فراجع.