ونقل صاحب المجمع والعاملي هذا الاختلاف بعد أن أورد كل واحد منهما الرواية في أعلاه (١).
وقال البيضاوي : أن نفي الجناح يدل على الجواز دون الوجوب (٢) ، وفيه نظر لأنّ هذا صحيح ، ولكن لا دلالة فيه على المطلوب ، لأنّ الجواز أعم من الوجوب فإذا استفيد الوجوب من أدلة خارجية لا يتعارض ذلك مع الجواز.
أما الأحاديث التي رويت بمؤدى أن النبي (صلىاللهعليهوآله) أتم في السفر فهي ضعيفة (٣) ، وظاهر الآية : أن القصر مشروط بالخوف ، وليس كذلك بل الخوف خرج مخرج الغالب لحديث عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) تلك صدقة تصدق الله بها عليكم فاقبلوا صدقته ، ولما صح عن الإمام الباقر (عليهالسلام) أيضا : إنه سئل عن صلاة الخوف وصلاة السفر أتقصران جميعا؟ فقال : نعم ، وصلاة الخوف أحق أن تقصر من صلاة السفر الذي ليس فيه خوف (٤).
ويرى السيوري : أن الجناح في الآية الإثم ، ونفي الجناح يستعمل في رفع الإثم وهو الواجب والندب والمباح وهو أهم من التخيير المحض ، إذ يلتمس الدليل التفصيلي على الوجوب من أدلة خارج الآية وهو فعل النبي (صلىاللهعليهوآله) وأقوال الصحابة رضوان الله عليهم (٥).
ويقول الكاظمي : أن نفي الجناح في اكثر الآيات التي وردت فيها مجمل يبين بالأخبار (٦).
ولذلك فان رواية الإمام الباقر (عليهالسلام) في تفسير آية التقصير كان يؤكد فيها على صنع رسول الله (صلىاللهعليهوآله) أي فعله المبين للمجمل القرآني ، فمن ذاك استفاد
__________________
(١) مجمع البيان ، الطبرسي ، ٣ / ١٠١+ وسائل الشيعة ، الحر العاملي ، ٣ / ٥٣١.
(٢) أنوار التنزيل ، البيضاوي ، ١٢٤ المطبعة العثمانية.
(٣) ظ : المحلى ، ابن حزم الظاهري ، ٤ / ٤٥٣+ السنن الكبرى ، البيهقي ، ٣ / ١٤١.
(٤) من لا يحضره الفقيه ، الصدوق ، ١ / ٢٩٤+ الحدائق الناظرة ، يوسف البحراني ، ١١ / ٢٦٦+ منتقى الجمان ، الشهيد الثاني ، ١ / ٥٦٣.
(٥) كنز العرفان ، المقداد السيوري ، ١ / ١٥٠.
(٦) مسالك الإفهام ، الشهيد الثاني ، ١ / ٢٧٦.