الْمُفْسِدِينَ)(١)(٢).
الآية الثالثة قوله تعالى : (وَإِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبى وَاسْتَكْبَرَ وَكانَ مِنَ الْكافِرِينَ)(٣).
٨ ـ قال الشيخ الصدوق أعلى الله مقامه في مقدّمة كتابه ، تحت عنوان : «السرّ في أمره تعالى الملائكة بالسجود لآدم عليهالسلام» :
واستعبد الله عزوجل الملائكة بالسجود لآدم تعظيما له لما غيّبه عن أبصارهم ، وذلك أنّه عزوجل إنّما أمرهم بالسجود لآدم لما أودع صلبه من أرواح حجج الله تعالى ذكره ، فكان ذلك السجود لله عزوجل عبوديّة ، ولآدم طاعة ، ولما في صلبه تعظيما ، فأبى ابليس أن يسجد لآدم حسدا له ، إذ جعل صلبه مستودع أرواح حجج الله دون صلبه ، فكفر بحسده وتأبّيه ، وفسق عن أمر ربّه ، وطرد عن جواره ، ولعن وسمّي رجيما لأجل إنكاره للغيبة ، لأنّه احتجّ في امتناعه من السجود لآدم بأن قال : (أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ)(٤) ، فجحد ما غيّب عن بصره ولم يوقع التصديق به ، واحتجّ بالظاهر الّذي شاهده وهو جسد آدم عليهالسلام ، وأنكر أن يكون يعلم لما في صلبه وجودا ، ولم يؤمن بأنّ آدم إنّما جعل قبلة للملائكة وأمروا بالسجود له لتعظيم ما في صلبه.
فمثل من آمن بالقائم عليهالسلام في غيبته مثل الملائكة الّذين أطاعوا الله عزوجل في السجود لآدم ، ومثل من أنكر القائم عليهالسلام في غيبته مثل إبليس في امتناعه من السجود لآدم.
٩ ـ روي بسند متّصل بأيمن بن محرز ، عن الصادق جعفر بن محمّد عليهماالسلام أنّ الله تبارك وتعالى علّم آدم عليهالسلام أسماء حجج الله كلّها ، ثمّ عرضهم ، ـ وهم أرواح ـ على الملائكة ، فقال : أنبئوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين بأنّكم أحقّ بالخلافة في الأرض لتسبيحكم وتقديسكم من آدم عليهالسلام : (قالُوا سُبْحانَكَ لا عِلْمَ لَنا إِلَّا ما عَلَّمْتَنا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ) قال الله تبارك وتعالى : (يا آدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمائِهِمْ فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمائِهِمْ) وقفوا على
__________________
(١) الأعراف : ١٤٢.
(٢) كمال الدّين ١ / ٤ ـ ١٣.
(٣) البقرة : ٣٤.
(٤) الأعراف : ١٢.