الحكم الفعلى تابعا لهذه الأمارة بمعنى انّ لله فى كلّ واقعة حكما يشترك فيه العالم والجاهل لو لا قيام الأمارة على خلافه وهذا هو الوجه الثانى المذكور هنا فى المتن وهو المراد ممّا ذكره سابقا وقال لو سلّم كون هذا تصويبا مجمعا على بطلانه كان الجواب به عن ابن قبة وليعلم انّ اقوالهم مخصوصة بالأمارات القائمة على الاحكام الشرعيّة الفرعيّة الكليّة لاتّفاقهم على التخطئة فى حقّ القاطع بخلاف الحكم الواقعى من غير قيام امارة عنده وثبوت الحكم الواقعى المجعول للعالم به واتّفاقهم على كون المصيب فى العقليّات وفى مداليل الكتاب والسنّة واحدا اذ ليست ممّا يتعلّق بها الجعل ويقبل الاختلاف باختلاف الآراء وقد اتّفقوا على هذا فى الموضوعات ايضا لانّها ليست قابلة للجعل الشّرعى حتّى يقال بتعلّق الجعل بها عند قيام ظنّ المجتهد بها او قبله على طبقه حسبما يعلم الله تعالى انّ الأمارة تؤدّى اليه بسبب حصول الظّن للمجتهدين المختلفين وبطلان التّصويب عند الطائفة اظهر من الشّمس وابين من الأمس ويدلّ عليه أمور الأوّل الآيات المذكورة فى سورة المائدة كقوله تعالى (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُون) وغيرها وقد يخدش فيها بانّهم يعتقدون كون آراء المجتهدين هى ممّا انزل الله فمن حكم منهم بما ادّى اليه ظنّه لم يحكم بغير ما انزل الله نعم لو حكم بخلافه متعمّدا فقد حكم بغير ما انزل الله الثاني الأخبار المتواترة الدّالة على وجود الحكم المشترك بين العالم والجاهل ولكنّها من حيث انّها مرويّة عن الائمّة الاطهار عليهمالسلام بطرقنا قد لا توجب الالزام على المخالفين الّا ما اسند الى امير المؤمنين ع فى نهج البلاغة كقوله ع وإلههم واحد ونبيّهم واحد وكتابهم واحد ودينهم واحد أفأمرهم الله بالاختلاف فاطاعوه ام نهاهم عنه فعصوه ام انزل الله دينا ناقصا فاستعان بهم على اتمامه ام كانوا شركاء له فلهم ان يقولوا وعليه ان يرضى ام انزل الله سبحانه دينا تامّا فقصّر الرّسول ص عن تبليغه وادائه الثّالث اتّفاق اهل الصّلاح على فساده الرابع حكم العقل ويقرّر بوجوه منها أنّ الظّن وان كان موضوعا لا ينفكّ عن كونه طريقا فلا بدّ له من متعلّق سابق عليه كالعلم ضرورة تأخّر كلّ ادراك عن كلّ مدرك واذا ظنّ بحرمة شرب الخمر مثلا فلا جرم من تقدّم حكم الحرمة عنده على ظنّه والّا فلا يعقل تعلّق الظّن بها ولو فرضنا مع ذلك تاخّر ذاك الحكم وهى الحرمة عن الظّن لزم تقدّم الشّيء على نفسه وهذا دور محال كما مرّ فى مبحث القطع ومنها لزوم التّناقض لانّه قد يتعلّق رأى مجتهد بحكم ورأى آخر بحكم آخر مغاير لذلك الحكم فى موضوع واحد كما لو اختلفا فى وجوب صلاة الجمعة وحرمتها مثلا فلو قلنا بالتصويب لزم التناقض لانّ صلاة الجمعة من حيث تعلّق احد الظنّين بوجوبها تصير واجبة بالوجوب الواقعى ومن حيث تعلّق الظّن الآخر بحرمتها تصير حراما واقعيّا وكيف يمكن اجتماع حكمين