ومبغض ذلك بل قد يدعو الحياء الى الزامك ايّاه فى الاكل فهل تجد فى نفسك هناك من ارادة وكراهة او حبّ وبغض ام لا تجد الّا الكراهة وحدها والبغض وحده ويبعّد هذا الوجه لو لم يقطع بعدمه اوّلا انّ الظّاهر من الطلب الخارجىّ المنشإ استلزامه للطّلب النّفسى الّذى هو عين الارادة وكشفه عنه فيكون التّنافى بحسب ظاهر الدّليل وثانيا أنّ هذا النّحو من التّكليف يستلزم نقض الغرض حيث انّ الواقع مراد فعلا ومع وجوده كذلك كيف يرخّص فى تركه ومستلزم لتفويت الواقع على المكلّف بالفتح وجعله طريقا الى الواقع وبلحاظه وان كان غير مستلزم لما ذكرنا الّا انّه عدول الى الجواب المتقدّم الثالث ما ذهب اليه المحقّق صاحب الكفاية تبعا لجماعة من اصحابنا ونحن نقرّره لك باجود ما يمكن من البيان وهو انّ مفاد دليل التعبّد بالأمارة ليس انشاء حكم على طبق مؤدّياتها بل مفاده هو جعل الحجيّة لها بعد ما لم تكن حجّة ويظهر ذلك ممّا تراه فى جعل الطّرق من الموالى العرفيّة فاذا جعل المولى العرفىّ لعبده طريقا للوصول الى احكامه هل يرى العقل فى ذلك الّا جعل الحجيّة بحيث لا يكون الملحوظ الّا الوصول الى مقاصده وجعل الحجّة له عليه فاذا اصاب مقصوده ووافق حكمه تنجّز عليه واذا أخطأ صحّ للعبد الاعتذار به فيكون كالقطع فى كونه طريقا محضا الى متعلّقه ويكون له تمام آثار ما هو الحجّة واذا كان الامر كذلك فى الموالى العرفيّة فقس عليه حال الشارع فى التعبّد بالأمارات فلا يكون غرضه من التعبّد بها الّا صرف جعل الحجيّة لها من غير فرق فى ذلك بين ما لو كان دليل التعبّد بلسان الامر والنّهى كقوله صدّق العادل ولا تنقض اليقين ام بلسان انّ الخبر حجّة وكاشف عن الواقع ويظهر ذلك ايضا من ملاحظة ما ورد فى التّوقيع الشّريف بمضمون انّ الفقيه حجّتى عليكم وانا حجّة الله فكما انّ جعل الحجيّة لقول الفقيه ليس الّا كونه كاشفا عن الواقع فكذلك الامر بالعمل بقول الفقيه ويظهر أيضا ممّا ورد فى الاخبار من انّ يونس بن عبد الرّحمن ثقة اخذ عنه معالم دينى فانّ سرق السّئوال يدلّ على انّ الأخذ بقول الثّقة والاعتماد عليه فى معالم الدّين كان مفروغا عنه وقصد السّائل تطبيق هذا المورد مع الكبرى المفروغ عنها وقرّره على ذلك المعصوم عليهالسلام واذا كان التعبّد بغير العلم موجبا لانشاء حكم مماثل لما كان معنى لهذا السّئوال والتّقرير وبملاحظة ما ذكرنا يمكن ان يدّعى القطع بكون مفاد دليل التعبّد هو جعل الحجيّة لغير العلم من دون انشاء حكم فى مؤدّاه كالحجّة المنجعلة من القطع والظّن فى صورة الانسداد على تقدير الحكومة وقضيّة الحجّة ان يكون عذرا فيما أخطأ وموجبا للتّنجّز واستحقاق العقوبة فيما اصاب وان يكون موافقتها انقيادا ومخالفتها تجرّيا وبناء على هذا الجواب لا يلزم من جعل الأمارة اجتماع حكمين مثلين او ضدّين ولا طلب الضدّين ولا اجتماع المصلحة والمفسدة والإرادة والكراهة فانّه