من سنخ القطع فى صورة المخالفة عن الواقع لم يكن مانع عن الالتزام بفعليّة الحكم الواقعى فى مورد خطأ الامارة عن الواقع كما انّ فعليّة الحكم لا يمنع عن القطع بالخلاف وان كان جعلها من سنخ جعل الاباحة والحليّة فى بعض المشتبهات فانّ جعلهما ليس الّا من جهة التشريع فجعل الحجيّة مناف لفعليّة الحكم بقول مطلق وامّا الفعليّة الوسطى فلا مانع من الالتزام بها ولا سبيل لنا الى اثبات احدهما بل يكفينا فى دفع الأشكال بانّ نفس الحجّة بما هى حجّة لا تنافى فعليّة الحكم على وجه البعث والزّجر كما فى القطع وأمّا جعل الحجّة فهو مناف لذلك فيما اذا اخطأت نظرا الى انّ الشّارع مع علمه بكون الحجّة قد تخطى عن الواقع كيف ينقدح فى نفسه الشريفة الإرادة والكراهة الموجبة للانشاء بعثا او زجرا مع جعله الحجّة إمكان احد الامرين على سبيل منع الخلوّ فيمكن ان يكون جعل الحجّة كايجادها بحيث لا يكون ما هو مفاد كان الناقصة هنا الّا ما هو مفاد كان التّامة هناك فاذا اقتضت المصلحة النوعيّة ايجاد الحجّة الّتى يكون الحكم معه فعليّا فلا مانع من ان تكون المصلحة النوعيّة المشتملة على جهة النظام الكلّى مقتضية لجعل الحجّة الّتى تخطئ عن الواقع تارة وتصادف معه اخرى ومع ذلك كان الحكم فعليّا فانّ الإرادة التكوينيّة لا تنافى الارادة التشريعيّة فيصحّ ان يكون الشّارع فى مقام التّشريع مريدا للفعل والترك فى صورة خطأ الأمارة الّتى اقتضت المصلحة النوعيّة جعلها وان أبيت عن كون جعل الحجّة كايجادها فنقول انّ جعلها ينافى الفعليّة بقول مطلق وامّا الفعليّة بالمعنى الّذى ذكرناه فلا مانع من الالتزام بها ولا ينافى جعل الحجّة معها وتوضيحه زايدا على ما قدّمنا يحتاج الى بيان مقدّمة وهى انّ الحكم الشرعى بعد ما لم يكن شيئا يكون له مراتب من الثبوت الاولى ثبوته بمجرّد ثبوت مقتضيه من دون انشائه وتشريعه الثانية أن يكون له وجود انشاء من دون ان يكون له بعث وزجرا وترخيص فعلا وذلك لقصور فى الاجراء والإنفاذ الثالثة ان يكون له وجود كذلك مع فعليّة البعث او الزّجر من دون قيام حجّة عليه فلا يكون على مخالفته استحقاق ذمّ من العقلاء ولا عقوبة من المولى الرابعة أن يكون له وجود كذلك مع قيام الحجّة عليه فيستحقّ على مخالفته الذمّ والعقوبة وثبوت هذه المراتب لوضوح امكان وجود المقتضى من المصلحة لانشائه وجعله مع وجود مانع او فقد شرط كما لا يبعد ان تكون الاحكام الاسلاميّة كذلك قبل بعثة الرّسول الخاتم ص أو وجود العلّة التامّة للحكم لكن مع وجود مانع من ان ينقدح فى نفسه ص البعث او الزّجر لعدم استعداد الانام كذلك كما فى صدر الاسلام بالنّسبة الى غالب الاحكام وكما فى زماننا هذا بالنّسبة الى بعض الاحكام المخزونة عند السّلطان العادل عجّل الله تعالى فرجه إذا عرفت ذلك فالحكم ما لم يصل الى المرتبة الثّالثة لا يكون مقتض لوجوب الاطاعة والموافقة لكونه فى تلك المرتبتين فاقدا لما به قوام الحكم وحقيقته و