على اباحة ما لم يعلم حرمته الرابع انّ حليّة كلّ شيء موقوف على كونه طيّبا للحصر المستفاد من قوله تعالى مخاطبا لنبيّه ص (قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ) والطيّب امر وجودى لا يحرز بالاصل ومع الشّك يكون مجرّد الشّك كافيا فى الحكم بالحرمة فانّ الحليّة اذا كانت محصورة فى الطيّب لزم احراز كون هذا الشيء طيّبا ومع عدمه يحكم بالحرمة فانّ مع الشّك فى صدق الموضوع يشكّ فى ارادته من الكلام وفيه انّ الظاهر عدم كون الطيّب امرا وجوديّا بل هو امر عدمىّ لانّه عبارة عن عدم الخباثة كما يشهد به معناه اللغوى وهو عدم الاستقذار الّذى هو امر وجودىّ فاذا شكّ فى اتّصاف شيء به يدفع بالاصل ولزوم احراز الشرط يكون مانعا عن اجراء الاصل الموافق لعدم الحاجة اليه لا عن اجراء الاصل الموضوعى المحرز للشّرط نظير ما قاله بعض فى الطهارة والحدث من انّ الاخير امر وجودىّ وهو مقتضى تفسيرهم له بانّه حالة مانعة عن الصّلاة والطهارة الّتى هى شرط للصّلاة عبارة عن عدم تلك الحالة وان كان هذا القول فى المقيس عليه فى غاية الاشكال لوقوع التعبير عن الاحداث فى النّصوص والفتاوى بالنواقض ومقتضاها كون المنقوض امرا وجوديّا هذا مع انّه يمكن فرض كون الحيوان ممّا ثبت كونه طيّبا مضافا إلى انّ الحكم بحرمة اللحم وخباثته لا ينفكّ عن لزوم الالتزام بنجاسته ولكن للكلام تتمّة قوله (المفيد للحصر فى مقام الجواب عن الاستفهام) حيث يكون قوله تعالى (يَسْئَلُونَكَ ما ذا أُحِلَ) لهم استفهاما عمّا يكون حلالا ويكون قوله تعالى (قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ) جوابا عنه واستفادة الحصر فى ما يكون من هذا القبيل مسلّم ألا ترى انّ استفادته من قولنا زيد بعد سؤال من فى الدار مسلّم لا يقبل الانكار وليس دعوى الحصر من حيث مفهوم الوصف حتّى يمنع قوله (ومع تعارض الاصلين يرجع الى اصالة الاباحة) ولقائل دعوى منع ذلك أوّلا بأنّ مجرّد تحريم الخبائث فى الكتاب العزيز مع عدم دلالة القضيّة على الحصر لا يفيد شيئا فانّ تحريمها من حيث كونها من افراد المفهوم وثانيا بأنّ الخباثة اذا كانت امرا وجوديّا لا يكون لها حالة سابقة فلا مجرى للاصل فيها وانّما ينحصر مجراه فى عدمها وذلك لانّ موضوع الحرمة والحلّ ح هى الخباثة وعدمها ومع الشّك فى اتّصاف شيء باحدهما يثبت عدمها بالاصل وهو موضوع الحلّ ومع عدم المعارض لهذا الاصل الموضوعىّ لا معنى للرّجوع الى الاصل الحكمى وهو اصالة الإباحة وثالثا بأنّه لو سلّمنا تعارض الاصلين فهو انّما يكون بناء على ان يكون التقابل بينهما تقابل الايجاب والسّلب وامّا لو كانتا وجوديّتين وكان التّقابل بينهما تقابل التضادّ كما يستفاد من بعض اهل اللّغة فالحصر المستفاد من قوله تعالى (أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ) حرمة المشكوك فيه وامّا الحرمة المحمولة على الخبائث لا يقتضى حليّة المشكوك لانّ الحمل فى المقام لا يقتضى الحصر ولم يثبت كونهما ضدّين لا ثالث لهما بل الامور الّتى لا يستلذّ منها النفس ولا يستكرهها فى غاية الكثرة