قاعدة البراءة وبحكم العقل بقبح المؤاخذة وليس العلم بجنس التكليف المردّد بين نوعى الوجوب والحرمة كالعلم بنوع التكليف المتعلّق بامر مردّد كما هو الحال فى الشبهة المحصورة وان اشتركا فى اصل العلم بالتكليف اجمالا لعدم اقتضاء العلم الاجمالى فيما نحن فيه تنجّز التكليف الواقعى على المكلّف لدوران الامر فى المعلوم هاهنا بين المتناقضين فلا تاثير لهذا العلم الاجمالى ولا دليل على حجيّة مطلق العلم فانّه مرآة لملاحظة حال الغير وحجيّة العلم وعدمها تابعة للزوم متابعة المعلوم وعدمه وظاهر انّ جنس التكليف المردّد بين المتناقضين لا يمكن امتثاله لدوران الامر بين المحذورين والتكليف الّذى بثبوته والعلم به لا مسرّح فيه لادلّة البراءة هو التكليف المنجّز الّذى يمكن امتثاله ويعاقب على تركه والعلم فى المقام لا يؤثّر فى ثبوت هذا النحو من التكليف اصلا قوله (ولا ينافى ذلك التديّن ح باباحته ظاهرا) ولا عجب فى ذلك فانّ الاحكام الظاهريّة كلّها من هذا القبيل لاختلاف موضوع الواقع مع موضوع الظاهر فيمكن جعل الشارع حكما فى الواقع وحكما منافيا له ولو تفصيلا فى مرحلة الظاهر كما فى مسئلة اقرار المرأة بالزوجيّة وانكار الزّوج حيث يحكم بعدم جواز ترويجها وعدم وجوب الانفاق عليه مع العلم بمخالفة احد الحكمين فى هذه الواقعة وفى مسئلة الماء المشتبه حيث يحكم بطهارة ملاقيه وعدم صحّة التوضّى منه مع عدم انفكاك الطّهارة عن صحّة الوضوء وعدمها عن النجاسة الى غير ذلك من الموارد ففيما نحن فيه إذا لم نعلم بخصوص نوع التكليف علما موجبا لتنجّز التكليف الواقعى كانت الاباحة بمقتضى ادلّة البراءة حكما ظاهريّا مجعولا فى مقابل الواقع فى مرحلة الظّاهر وان علم مخالفتها له لاختلاف الموضوع وعدم تنجّز الحكم الواقعى وهذا مع الاعتقاد بالحكم الواقعى على ما هو عليه فى الواقع بل وهكذا الامر فى دوران الامر بين الحرمة وغير الوجوب والوجوب وغير الحرمة فانّ البناء على البراءة فيهما انّما هو مع الالتزام بالحكم الواقعى اجمالا على ما هو عليه وان كان هو الوجوب او الحرمة او غيرهما قوله فانّه يمكن ان يقال انّ الوجه فى حكم الشارع الخ) اعلم انّ حكم الشارع بالتخيير بين الخبرين المتعارضين الجامعين لشرائط الحجيّة يحتمل فيه وجوه الأوّل ان يكون من جهة توافقهما على نفى الثالث بالدّلالة الالتزاميّة وعليه فالمناط هو وجوب الاخذ باحد الحكمين وان لم يكن على كلّ واحد منهما دليل معتبر معارض بدليل آخر كما فى المقام الثانى ان يكون من جهة التعبّد الظاهرى ووجود المصلحة الّتى لا يدركها عقولنا فى هذا الحكم وعليه فالحكم بالتخيير يختصّ بمورده الثالث ان يكون من جهة رعاية التكليف الشرعى فى المسألة الاصوليّة فانّه لمّا اوجب الشارع بدليل حجيّة الخبر الاخذ بكلّ واحد منهما ولم يمكن الأخذ بهما معا فلا بدّ من الاخذ باحدهما كما هو حكم العقل فى كلّ واجبين متزاحمين ويشير الى هذا الوجه بعض الاخبار