ما لم يكن شيئا يكون له مراتب من الثّبوت الأولى ثبوته بمجرّد مقتضيه من دون انشائه وتشريعه الثانية ان يكون له وجود انشاء من دون ان يكون له بعث او زجر او ترخيص فعلا وذلك لقصور فى الاجراء والإنفاذ الثّالثة ان يكون له وجود كذلك مع فعليّة البعث او الزّجر من دون قيام حجّة عليه فلا يكون على مخالفته استحقاق ذمّ من العقلاء ولا عقوبة من المولى الرّابعة ان يكون له وجود كذلك مع قيام الحجّة عليه فيستحقّ على مخالفته الذمّ والعقوبة فإنّ على هذا المسلك ما لم يصل الحكم الى المرتبة الثّالثة لا يكون مقتض لوجوب الاطاعة والموافقة لكونه فى تلك المرتبتين فاقدا لما به قوام الحكم وحقيقته ويكون فيهما داخلا فيما سكت الله تعالى عنه رحمة للعباد والّذي يتعلّق به العلم او الظنّ او الشكّ ليس الحكم باحدى المرتبتين خصوصا الأولى بالقطع واليقين ولم يؤمر السّفراء بتبليغهما وليس الحكم باحد المعنيين مدلول الخطابات الواقعيّة الصّادرة من الشّارع وأمّا على مسلك الشّيخ قدسسره من نفى الحكم الانشائى ومجرّد ثبوت المقتضى فى مقابل الحكم الفعلى وانّه ليس فى الواقع حكم باحد المعنيين بل الّذى يكون هو انشاء الحكم وتشريعه على موضوعه بجميع ما اعتبر فيه من القيود والشّرائط وعند تحقّق ذلك الموضوع يكون الحكم فعليّا ومع عدم تحقّقه لا يكون فى الواقع حكم اصلا فليس متعلّق القطع واخويه الّا الحكم الفعلى وتمام الكلام فى محلّه والحاصل انّ المكلّف امّا ان لا يلتفت الى حكم شرعىّ اصلا او يلتفت اليه باحد قسميه من الحكم الكلّى او الجزئىّ والاوّل لا يقبل التّقسيم لانّ المفروض عدم التفاته ويستحيل حصول الاحوال الثّلاثة له والثّانى اى الملتفت الى انّ له حكما فى الواقعة فامّا ان يحصل له القطع او الظنّ او الشكّ والوهم يدخل فى الظنّ لانّه ان تعلّق بالوجود فهو ظنّ بالعدم وان كان بالعكس فبالعكس مضافا الى انّه لا معنى للبحث عنه لعدم ترتّب اثر عليه من حيث انّه وهم أصلا والكلام في الاوّل اى الغافل الغير الملتفت يبحث عنه فى باب الاجتهاد والتّقليد والمراد من القطع هو مطلق الاعتقاد الجازم الاعمّ من المطابق للواقع والمخالف له فيشمل الجهل المركب ايضا وان كان داخلا من وجه فى الغافل اى غير الملتفت والاعتقاد الجازم على قسمين الاوّل ما يكون ثابتا اى لا يزول بتشكيك المشكّك لكونه حاصلا من الادلّة القطعيّة ويسمّى باليقين والعلم الاجتهادي الثّانى ما لا يكون ثابتا لعدم استناده الى دليل قطعىّ ويسمّى بالعلم التّقليدى لكونه ناشيا عنه والمراد من الظنّ هو الاعتقاد الرّاجح الغير المانع من النّقيض وله مراتب شتّى لا يضبطها مرتبة معيّنة والمراد من الشكّ هو تساوى الاحتمالين قوله (فان حصل له الشكّ فالمرجع فيه هى القواعد الشرعيّة الخ) اعلم انّ ما يقع فى طريق استنباط الاحكام امّا ان يكون ناظرا الى الواقع ام لا وكلّ منهما امّا ان يكون فى الاحكام الكليّة