شرب الماء فلعدم ارادته وقصده وامّا شرب الخمر فلعدم كونه خمرا فما قصد لم يقع وما وقع لم يقصد فلو كان مع ذلك مستحقّا للعقاب لكان امّا لأمر غير اختيارى وامّا لنيّة المعصية والاوّل باطل وسيجيء الكلام فى الثّانى فان قلت كيف يمكنكم القول بانّ عقاب من صادف قطعه الواقع لا يكون الّا بالاختيار مع انّ المصادفة للواقع لا يكون بالاختيار ولعلّ هذا هو مراد المستدلّ حيث يقول مستلزم لاناطة استحقاق العقاب بما هو خارج عن الاختيار قلت إن اريد ذلك بالنّسبة الى فعل الفاعل فهو غير صحيح لوضوح انّ من شرب شيئا باعتقاد انّه خمر وكان خمرا فهو مختار فى فعله ومتعلّق التّكليف هو الفعل الصّادر عن ارادة وان اريد بالنّسبة الى مصادفة الواقع بمعنى انّ موافقة قطعه واعتقاده للواقع امر خارج عن اختيار الفاعل فهو مسلّم الّا انّ العقاب لا يتوقّف على كون جميع مقدّمات الفعل اختياريّا فانّ صدور فعل كذلك غير مقدور الّا لله سبحانه لوضوح انّ وجود الفاعل من المقدّمات وهو غير مختار فى وجوده وقد يستدلّ لحرمة التجرّى او لاستحقاق العقاب بوجوه أخر منها انّ الاحكام الصّادرة من الشّارع والخطابات الاوّلية متوجّهة الى من صادف قطعه الواقع ومن أخطأ وخالف الواقع وذلك لانّ التّكليف لا بدّ وان يتعلّق بما هو مقدور للمكلّف والمقدور هو الاختيار وحركة الارادة والانبعاث نحو الفعل فالتّكليف وان تعلّق فى ظاهر الدليل بشرب الخمر مثلا والمفروض انّه بنفسه متعلّق للتّكليف من دون اخذ العلم او الجهل به قيدا فيه الّا انّه بوجوده الواقعى ليس متعلّقا قطعا بل المتعلّق هو الانبعاث وحركة الارادة نحو شرب الخمر وهذا الانبعاث لا يحصل الّا بعد العلم بالموضوع الواقعى فالعلم وان كان طريقا بالنّسبة الى ذلك الموضوع الواقعى الّا انّه يكون موضوعا بالنّسبة الى الاختيار والانبعاث فمتعلّق التّكليف هو الانبعاث الصّادر عن العلم بالموضوع وهذا حاصل فى صورتى المصادفة وعدمها لما عرفت من انّ التّكليف فى لا تشرب الخمر مثلا فى الحقيقة ليس الّا تكليفا بالامر المقدور وهو الانبعاث والاختيار الجامع للصّورتين فمرجع القضيّة الى انّه لا تنبعث ولا تشرب ما تعتقد انّه خمر ولعلّ مراد المستدلّ بالدليل العقلى على وجه الترديد الّذى قد تقدّم هو ذلك وعلى هذا التقرير يكون المتجرّى عاصيا حقيقة والجواب انّ هذا مبنىّ على دعويين الاولى اخذ الاختيار ونفس الارادة نحو ما علم انّه خمر متعلّقا للتّكليف والثّانية اخذ العلم الّذى هو طريق الى الموضوع الواقعى على وجه الصّفتيّة بالنّسبة الى الإرادة ومنعهما بمكان من الوضوح امّا الاولى فلانّ اشتراط القدرة فى متعلّق التّكليف امر معلوم ولكن لا يلزم منه صرف التّكليف الى الارادة بل المتعلّق كما هو ظاهر القضيّة المفروضة هو نفس الفعل وشرب الخمر المقيّد بكونه صادرا عن اختيار وارادة وامّا الثانية فلانّ بعد فرض كون العلم طريقا الى الموضوع الواقعى وانّ الحكم محمول عليه من دون اخذ العلم او الجهل به قيدا فيه يمتنع اخذه على وجه الصفتيّة فى الإرادة وهل هذا الّا