لمجرّد الثبوت فى الزّمان السابق حكم عقلىّ مستقلّ كسائر القضايا الّتى تكون من المستقلّات العقليّة ولكنّ التوصّل به الى الحكم الشرعى فى العناوين الخاصّة من موارد الاستصحاب انّما يكون بواسطة الخطاب الشرعى المتحقّق به المستصحب والوجوب فى الزّمن السابق فلا بدّ فى التوصّل بذلك الحكم العقلىّ الكلّى المستقلّ الى الحكم الشرعى من مقدّمة اخرى تجعل صغرى ويجعل ذلك الحكم العقلىّ كبرى وكون الحكم بالبقاء فى الكبرى ظنّيا لا ينافى كونه من مدركات العقل ومن احكامه المستقلّة اذ المراد من الحكم مطلق التصديق والاذعان والحكم العقلىّ الّذى يكون دليلا اعمّ من ان يكون ظنّيا او يقينيّا واليه اشار المصنّف بقوله والكبرى عقليّة ظنّية ومن هنا يندفع الاشكال بانّ هذا القياس يثبت الظّن بالبقاء ولا دليل على حجيّة هذا الظّن بناء على عدم اعتبار الظّن المطلق لما ذكرنا من انّ الكبرى ليس هو الحكم بانّ ما ثبت سابقا فهو مظنون البقاء كما يوهمه عبارة العضدى حتّى يحتاج فى التوصّل به الى اثبات حجيّة هذا الظّن بل الكبرى هى نفس الاذعان بالبقاء ظنّا والحاصل انّ استقلال العقل ببقاء ما كان على ما كان ليس الّا كاستقلاله بحسن الاحسان وقبح الظّلم وانّما يحصل الفرق فى انّ حكم العقل ببقاء ما كان فى الاحكام المحمولة على العناوين الخاصّة يحتاج الى ثبوت ذلك العنوان وبعبارة أخرى الحاكم بدوام المستصحب واستمراره بعد وجوده هو العقل ولكن بعد ملاحظة الدّليل الدالّ على المستصحب وحكمه وما هو المستفاد من خطاب الشرع المثبت للمستصحب بعنوانه الخاصّ بجعل صغرى لما حكم به العقل مستقلّا.
قوله (الثالث انّ مسئلة الاستصحاب على القول بكونه الخ) الاستصحاب الجارى فى الاحكام الكليّة اى الشّبهات الحكميّة كاستصحاب نجاسة الكرّ المتغيّر بعد زوال تغيّره من قبل نفسه ونجاسة العصير الزّبيبى بعد الغليان وعدم ذهاب ثلثيه واستصحاب حقّ الخيار ونحو ذلك اذا كان مدركه العقل وكان من باب الظّن فلا اشكال فى كونه من المسائل الاصوليّة ويكون من الامارات الغير العلميّة كخبر الواحد ونحوه كما هو مقتضى تعريف علم الاصول بانّه العلم بالقواعد الممهّدة لاستنباط الاحكام الفرعيّة فانّ المسألة الاصوليّة تكون عبارة عن قاعدة ممهّدة تقع نتيجتها فى طريق الاستنباط وهذا شأن الاستصحاب بعد اثبات حجيّته واذا كان مدركه الاخبار فكذلك وينطبق عليه التّعريف المذكور لانّه يقع فى طريق الاستنباط ولذا يجرى فى المسألة الاصوليّة ايضا كالحجيّة ونحوها والاشكال بانّ المسألة الاصوليّة ما مهّدت لاستنباط الحكم والاستصحاب ليس كذلك لانّه عبارة عن نفس القاعدة الشرعيّة اعنى كلّ حكم ثبت تحقّقه حكم ببقائه المستفادة من قولهم ع لا تنقض اليقين بالشكّ نظير قاعدة وجوب الوفاء بكلّ عقد المستفادة من نحو قوله تعالى (أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) وقاعدة نفى الضّرر والحرج المستفادة من