الآيات والرّوايات ممنوع لان الحكم بنجاسة الماء المتغيّر بعد زوال تغيّره انّما يستنبط من الاستصحاب وهو الحكم على طبق الحالة السّابقة والبناء عليه فالاستصحاب هو الدّليل لهذا الحكم الشرعىّ كالاخذ بالخبر الّذى به يستنبط الحكم الفرعى من خبر زرارة مثلا والمسألة الفقهيّة ما يكون المبحوث عنه محمولا اوّليا لفعل المكلّف من دون توسيط شيء آخر كقاعدة نفى الضّرر والحرج وقاعدة الحليّة للاشياء الّتى لا يعلم حرمتها فى الشّبهة الحكميّة وقاعدة الطّهارة فيها ايضا وما ذكر من انّ المثبت للحكم الفرعى انّما هو نفس لا تنقض اى قاعدة عدم نقض اليقين بالشكّ لا الاستصحاب وهو البناء على طبق الحالة السّابقة حتّى يكون هذا البناء دليلا ووسطا لاثبات الحكم خلاف مقتضى التامّل بل عدم نقض اليقين بالشكّ انّما هو دليل لقاعدة الاستصحاب والحكم بالبناء على الحالة السابقة وهى ليست الّا كسائر القواعد الاصوليّة من البراءة وغيرها الّتى مهّدت للتوصّل بها الى الحكم الشّرعى وامّا الاستصحاب الجارى فى الشبهات الموضوعيّة والاحكام الجزئيّة فلا اشكال فى كونه حكما فرعيّا سواء كان من باب الظّن او التعبّد فانّ معنى حجيّة الامارة بناء على الظّن وحجيّة الاصل بناء على التعبّد فى الموضوعات هو جعل احكامها لا جعلها بانفسها وليست الامارة والاصل ح ممّا يتوصّل بهما الى الاحكام الفرعيّة الكليّة بل المتوصّل بهما اليه هو حكم فرعىّ جزئىّ متعلّق بعمل خاصّ ويكون الكلام في الاستصحاب فى الموضوعات الخارجيّة من باب الظّن كالكلام فى اعتبار سائر الامارات من اليد والسّوق والبيّنة واصالة الصحّة ونحوها الجارية فى الشّبهات الخارجيّة ومن باب التعبّد كالكلام فى حجيّة قاعدة الفراغ وقاعدة التّجاوز مثلا وعلى هذا فالمهمّ من البحث فى الاستصحاب انّما هو بالنّسبة الى الاحكام وامّا البحث فيه بالنّسبة الى الموضوعات فلا يكون الّا على سبيل الاستطراد نعم هو فى الموضوعات المستنبطة يكون من مسائل الاصول لمدخليّة حينئذ فى الاستنباط قوله (نعم يشكل كون الاستصحاب من المسائل الفرعيّة) الظاهر انّه يريد انّ مقتضى ما ذكره سابقا كون البحث عن الاستصحاب فى الشّبهة الحكميّة من المسائل الفرعيّة لو لا وجود ما هو من خواصّ المسألة الاصوليّة فيه وهو اختصاصه بالمجتهد وعدم انتفاع الغير منه وهذا لا يتمّ الّا ان يكون دليلا على الحكم كوجوب البناء على الخبر وحجيّته وكلّما عجز المقلّد عن اعماله ولم ينفع به حتّى بعد استخراجه فهو مسئلة اصوليّة مثلا لا حظّ للمقلّد فى استنباط وجوب الوفاء بالعقد بان يجعله كبرى لقوله هذا عقد لعجزه عن استنباط القاعدة لكن بعد استنباط المجتهد ذلك من الادلّة لو عرضه عليه ينتفع به ويجعله كبرى لصغرى احرزها بالوجدان وهذا بخلاف الاستصحاب فانّ بعد استنباط المجتهد لوجوب الحكم على طبق الحالة السّابقة من اخبار الباب لم ينتفع به المقلّد وليس له الحكم بنجاسة الماء المتغيّر بعد زوال تغيّره بل هذا ممّا يختصّ به المجتهد ومن هذا يظهر لك وجه الفرق بين الاستصحاب وقاعدة نفى الضّرر والحرج ايضا فانّ اجراء الاستصحاب فى مورده