بهذا المعنى مع تفسير المفسّرين به غير عزيز فانّ الآيات المنساقة على هذا الوجه كثيرة كقوله تعالى (قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللهَ مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ وَأُمِرْتُ لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ) وقوله تعالى (قُلِ اللهَ أَعْبُدُ مُخْلِصاً لَهُ دِينِي) وقوله تعالى (وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وقوله تعالى (فَاعْبُدُوهُ أَفَلا تَذَكَّرُونَ) فانّ العبادة فى الجميع مفسّرة بالمعرفة وثانيا ما يقال من انّه لو سلّم كون اللّام للغاية لا بمعنى الباء وان المراد وجوب اقامة الصّلاة وايتاء الزكاة لتحصيل غرض الاخلاص فلا اشعار فيه بوجوب مقارنة قصد الاخلاص للمأمور به للزوم تاخّر الغاية عن ذيها فانّ الغايات هى اللوازم القهريّة المترتّبة على الشّيء بعد تحقّقها لا الاشياء الّتى بها يتحقّق الفعل وعلى هذا فالحاصل قد امرناهم بالصّلاة والزكاة لاجل تحصيل غاية هى معرفة الله على وجه الاخلاص بان يكون الصّلاة والزّكاة مقدّمة للوصول الى المرتبة الكاملة منها وهى المطلوب الا صلّى لله سبحانه والواجبات باجمعها مقدّمة لتحقّق تلك المعرفة وهذا معنى ما يقال الفروع مقرّبة الى الاصول وثالثا أنّه لو سلّم دلالة الآية على وجوب نيّة الاخلاص فى العبادة كانت خارجة عن محلّ النزاع لانّ الكلام فى اثبات مضمون الآية بالاستصحاب وهى لو دلّت على ذلك كانت بمدلولها عامّة لجميع الازمنة لما فى ذيلها من قوله سبحانه (وَذلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ) بناء على تفسيرها بالثّابتة الّتى لا تزول ولا تنسخ ورابعا أنّ استصحاب ذلك لا يوجب كون الاصل فى الاوامر الصّادرة فى شريعتنا المقدّسة باسرها ذلك لانّ جملة منها بل اكثرها لم يكن ثابتة فى دينهم والاستصحاب لو أثر لاثّر بالنّسبة الى الاوامر المعلوم ثبوتها فى دينهم ومحلّ النّزاع فى وجوب مقارنة العمل لقصد الاخلاص اعمّ من ذلك وخامسا انّ الكلام فى مسئلة مقارنة العمل لقصد الاخلاص انّما هو فى وجوبه الشرطىّ الغيرى بحيث لو لم يكن العمل مقرونا به لكان العمل باطلا قبالا للقول بوجوبه النفسىّ فيما ثبت وجوبه والآية غير دالّة عليه إلّا ان يدّعى ظهور الوجوب الغائىّ فى الوجوب الغيرى قوله (ومرجع ذلك الى كونها لطفا) وهذا ما اطبقوا عليه من انّ الواجبات الشرعيّة الطاف فى الواجبات العقليّة قوله (وعلى جواز ضمان ما لم يجب) فانّ المؤذّن ضمن عن الملك قبل ان يؤتى بصواعه الموجب لاستحقاق حمل بعير قوله (وفيه انّ جمل البعير لعلّه كان معلوم المقدار) فانّ الحمل عند كلّ فرقة عبارة عن مقدار معيّن كثلثين منّا فيحمل على متعارفهم قدرا وذاتا ووصفا قوله (وهما لغة مطلق الالتزام) وهذا هو الظاهر ولا يصحّ حمله على الضّمان الشّرعى بمعنى قبول حقّ كان على الغير قوله (وفيه انّ الآية لا تدلّ الّا على حسن هذه الصّفة) مع انّ الاستصحاب لا يعارض الادلّة الاجتهاديّة ولا مجرى له بعد ورود الادلّة على استحباب النّكاح فى شرعنا قوله (مائة بالضّرب بالضغث وفيه ما لا يخفى) فانّ الحكم بذلك خلاف الاصل ومقتضى حلفه على ضرب مائة جلدة وقوعها حقيقيّة و