ويجاب عن هذا الاشكال بانّ هذه الأصول منها ما يكون من الاصول الموضوعيّة ويكون مختصّا بالشّبهة فى موضوع الحكم وقد عرفت انّه خارج عن الاصول العمليّة وما هو محلّ البحث ومنها ما يكون المناط فيه الكشف والطريقيّة ويكون ناظرا الى الواقع فيدخل فى الادلّة والأمارات ومنها ما يكون الموضوع فيه هو الواقع لا الواقع المشكوك فيخرج عن الحكم الظاهرى ومنها ما يكون راجعا الى احد الاصول الأربعة وبيانه امّا اصالة الإباحة فهى راجعة الى اصالة البراءة لانّ معنى الإباحة هو الأمن من العقاب فى فعله او تركه وهذا معنى اصالة البراءة المبحوث عنها فى المقام فانّ المقصود من البراءة ايضا هو الأمن من العقاب فى فعل مشكوك الحرمة او ترك مشكوك الوجوب وقد يقال ان اصالة الإباحة تطلق فى الشّبهة التحريميّة واصالة البراءة فى الشّبهة الوجوبيّة وامّا أصالة الحلّ فان كان المراد منها ما هو مفاد الادلّة الاجتهاديّة كقوله تعالى (أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ* وَأُحِلَّ لَكُمْ ما وَراءَ ذلِكُمْ) ونحو ذلك فهى خارجة عن الاصول المبحوث عنها فانّها ح يكون حكما للموضوع لا بوصف الشكّ وإن كان المراد الحلّية الظاهريّة فهى من الاحكام الوضعيّة لا التّكليفيّة العمليّة وبناء على مسلك المصنّف من انّ الاحكام الوضعيّة منتزعة من الاحكام التّكليفيّة ترجع الى اصالة البراءة اذ لا معنى للحليّة حينئذ الّا جواز الفعل والتّرك وعدم العقاب على استعمال الشّيء وقد يقال انّ اصالة الحلّ تطلق فى مقام حكم الشّبهة التّحريميّة الموضوعيّة وأمّا أصالة الحظر والإباحة قبل الشرع فبناء على كون النّزاع فى الواقعيّين منهما كما هو مقتضى بعض ادلّتهم فهما خارجان عن الاصول العمليّة ويكونان من الاحكام المجعولة للموضوعات لا بوصف الشكّ وبناء على كون النّزاع فى الظّاهريّين منهما يرجعان الى الاحتياط والبراءة حيث يقول القائل بالاوّل انّ الاحتياط يقتضى فيما لم يثبت الاذن فى ارتكابه الحظر منه والقائل بالثّانى بعدمه وأمّا أصالة الاشتغال فترجع ايضا الى الاحتياط لانّ الاحتياط يقتضى فيما ثبت اشتغال ذمّة المكلّف به الاتيان به حتّى يتيقّن بالبراءة ورفع الشّغل وقد يقال انّ اصالة الاشتغال ترجع الى استصحاب الاشتغال وليس بشيء كما ستطّلع عليه فى محلّه إن شاء الله الله تعالى وأمّا أصالة الطّهارة فبناء على ما ذهب اليه بعض من اختصاصها بالشّبهة فى الموضوع فهى من الاصول الموضوعيّة وخارجة عن الاصول العمليّة وبناء على المشهور من جريانها فى الشّبهة الحكميّة والموضوعيّة معا فهى من الاحكام الوضعيّة المجعولة وبناء على عدم جعلها فهى راجعة الى اصالة البراءة وان كان مدركها اخبارا خاصّة غير مدارك الاصول الاربعة كقوله ع كلّ شيء طاهر حتّى تعلم انّه قذر والمراد منها ليس الّا اصالة اباحة التّصرّفات واصالة البراءة عن وجوب الاجتناب ولك ان تقول بانّ البناء على كون اصالتى الحلّ والطّهارة من الاحكام الوضعيّة لا يرفع الاشكال فانّهما ح ايضا حكمان مجعولان من الشّارع للشّاك فى مقام العمل ويكونان ممّا ينتهى اليه الفقيه بعد الفحص واليأس عن الظّفر بالدّليل الاجتهادى وان لم يكونا من الاحكام الخمسة التّكليفيّة إلّا أن يقال بانّ هذين