وفى ادلّته وشرائطها ومؤدّياتها لا ينافى تحيّره فى الخبرين المتعارضين ويكون تحيّره من هذه الجهة زائدا على تحيّره من الجهات الأخر المذكورة فهو متحيّر من جميع جهات تحيّر المجتهد الّتى منها تحيّره فى حكم الخبرين المتعارضين الّذى حكمه التخيير بينهما الّا انّه عاجز عن استعلام ذلك الحكم واستنباطه واذا استنبطه يكون حكما مشتركا بينه وبين المقلّد فإنّه يقال مطلق الجاهل بشيء لا يقال انّه متحيّر فى ذلك الشيء ولا يصدق عليه ذلك وانّما يصدق عليه اذا كان مبتلى به وليس له بدّ من العمل به وهذا ينحصر فى المجتهد اذ المقلّد لمكان عجزه لا يلزمه التصدّى لتعيين الطّريق الفعلىّ من المتعارضين قوله (فلو فرضنا انّ راوى احد الخبرين عند المقلّد أعدل) لا يخفى انّ عدم العبرة بنظر المقلّد فى الموارد المذكورة فى غاية الاشكال وانّما المسلّم من جواز تقليده هو اذا لم يكن معتقدا بخلاف ما اعتقده المجتهد فى الطّريق قوله (لما عن النّهاية من انّه ليس فى العقل ما يدلّ) لا يقال عدم المانع من العقل وامكان الوقوع فى المقام نظرا الى الوقوع فيما لو تغيّر الاجتهاد مع انّه ليس من قبيل المقام لا يجدى فى اثبات الجواز مع انّ الاصل عدم الحجيّة عند الشكّ فيها وهذا ليس مختصّا بما اذا كان الشكّ فى اصل الحجيّة ابتداء بل يشمل الشكّ فى الحجيّة الفعليّة مع احراز الشأنيّة لأنّا نقول هذا الدليل مبنىّ على مقدّمتين مطويّتين مسلّمتين الاولى وجود المقتضى للتخيير بعد الاخذ باحدهما ولو كان هو الاطلاق او الاستصحاب الثانية عدم التخصيص فى حكم العقل وحيث وقع جواز العدول ولو فى غير المقام فلا مانع منه فيه ولا بدّ فى ردّ هذا الدّليل من منع احدى المقدّمتين قوله (كما روى ان النبىّ ص قال لأبى بكر) لا يتوهّم انّ الظاهر من الشيء الواحد هى القضيّة الشخصيّة ولا دلالة فى الرّواية على الالتزام بما اختاره اوّلا كما هو مقصوده فانّ من الواضح انّ اطلاق الحكم يشمل الواقعة والواقعتين قوله (فالظاهر انّها مسوقة لبيان وظيفة المتحيّر فى ابتداء الامر) توضيحه انّ الجاهل بطريق مقصده لا يكون متحيّرا فيه الّا مع قصده الذّهاب الى ذلك المقصد ومن المعلوم انّ مقصد كلّ مكلّف فى مورد اجمال التكاليف الشرعيّة انّما هو ما يبرأ ذمّته عن استحقاق العقاب عليها فغرضه ذلك ومقصده تحصيله والوصول اليه وهو لا ينحصر فى الاتيان بالواقع على ما هو عليه بل يعمّ ما يؤدّى اليه طريق معتبر غير علمىّ فعلا من قبل الشّارع والشاكّ فى اعتبار احد الخبرين المتعارضين انّما يكون متحيّرا قبل ثبوت اعتبارهما فى تلك الحال شرعا وامّا بعد ثبوت اعتبارهما تخييرا بمقتضى اخبار التخيير فالتحيّر مرتفع وبايّهما اخذ يؤدّيه الى مقصده وهو مؤمّن له من العقاب فله الاخذ بكلّ منهما فى الواقعة الاولى وامّا الوقائع الأخر فلو كان شاكّا فى اعتبار غير ما اختاره فى الاولى لم يصدق عليه انّه متحيّر لانّ له طريقا فعليّا الى مقصده وهو ما اختاره فى الاولى فانّ اعتباره لا شكّ فيه والمفروض انّ اخبار التخيير مسوقة لبيان حكم المتحيّر لا حكم مطلق الشاكّ فلا يشمل الوقائع الأخر ولا بدّ فى اثبات حكم التخيير من دليل آخر ولو فرض الشكّ فلا بدّ