فلا ينفع لانّ الاصول تحكم فى مجاريها بانتفاء الحكم الواقعى فهى كالاصول فى الشّبهة الموضوعيّة مخرجة لمجاريها عن موضوع ذلك الحكم اعنى وجوب الاخذ بحكم الله ويدفعه أنّ الظّاهر عدم صحّة الفرق بين صورتى التّفصيل والإجمال فانّه لو لم نقل بوجوب الالتزام بالحكم فى تحقّق العمل وصدق الاطاعة فى الاولى كان عدم القول به فى الثّانية اولى وان قلنا به فى الاولى لزم القول به فى الثانية ايضا لعدم الجدوى فى التمسّك بالأصول لرفع موضوع حكم الالتزام لكونها موجبة للمخالفة العمليّة للخطاب التّفصيلى وهو وجوب الالتزام بحكم الله وذلك لانّ موضوع حكم الالتزام ليس الوجوب وحده او الحرمة وحدها بل هو الحكم المردّد بين الحكمين فانّ الواجب هو الالتزام بمطلق حكم الله الثّابت وان كان مشتركا بين الوجوب والحرمة ومن الواضح عدم امكان رفعه بالأصل فانّ غاية ما يمكن رفعه به هو خصوص احد الحكمين لا القدر الجامع بينهما الّذى هو موضوع حكم الالتزام فى الواقع واذا جرى الاصل بالنّسبة الى كلّ واحد من خصوص الحكمين قطعنا بمخالفة حكم الله تفصيلا للعلم بانّ ما وجب الالتزام به لا يكون الّا احد الحكمين المرتفعين بالأصل وأمّا لزوم المخالفة العمليّة فلانّ المفروض كون الالتزام بمطلق الحكم واجبا والمفروض عدم انتفائه بالأصل والحكم بالاباحة مخالفة عمليّة لما هو الواجب من الالتزام بمطلق الحكم الثّانى انّه لو وجب الالتزام بالحكم الواقعى بحيث يلزم من مخالفته العقاب فامّا ان يكون باحدهما المعيّن او باحدهما المخيّر والاوّل مستلزم للتّكليف بلا بيان وهو قبيح عقلا وشرعا والثّانى امّا ان يكون بنفس الخطاب الواقعى المجمل او بخطاب آخر والاوّل خلاف الفرض لانّ المفروض ثبوته على نحو التّعيين واستعماله فى التخيير ايضا مستلزم لاستعمال الامر فى معنيين وهو باطل والثّانى لا دليل عليه وسيأتيك توضيحه الثّالث أنّ العقل بعد انقطاع السّبيل الى الحكم الواقعى لا يحكم الّا بالبراءة ومن يمنع عن ذلك فامّا ان يقول بوجوب الالتزام بالحرمة مستدلّا بما ياتيك مع الجواب عنه تفصيلا فى باب البراءة إن شاء الله الله تعالى وامّا ان يقول بوجوب الالتزام على التّخيير البدوى او الاستمراري متمسّكا باحد الوجوه أحدها حكم العقل بالتّخيير بان يقال بعد العلم الاجمالى بامر الشّارع او نهيه وعدم امكان الجمع بينهما يحكم العقل بوجوب الأخذ والالتزام باحدهما على سبيل التّخيير وفيه أوّلا انّ الحكم بالتّخيير مرجعه الى الإباحة ايضا إذ له الأخذ بكلّ واحد منهما فى كلّ زمان وهذا هو معنى الإباحة واذا لم يكن القول بالتخيير منافيا فليكن القول بالاباحة ايضا كذلك وهذا خصوصا على التخيير الاستمرارى وهو ظاهر اطلاق كلمات القائلين بالتّخيير فلا فرق عند التّحقيق بين التخيير الظاهرىّ والإباحة الظّاهرية وثانيا أنّ الشّك فى اصل وجوب الالتزام بالحكم فى المقام و