٥٧ ـ (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ ...) واضح وتقدم في الآية ١٥ من آل عمران.
٥٨ ـ (إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها) الأمانة كل حق وجب الوفاء به ، ومن عصى فقد رتع في الخيانة (وَإِذا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ) ولا تستقيم الحياة من غير عدل ، لأنه حمى للحق ، ومظهر للتوازن والمساواة ، وكل من وقف إلى جانب الحق فهو عادل ، وكل من عانده فهو باغ ومبطل (إِنَّ اللهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ) فاتعظوا بمواعظه ، وانتفعوا ببيانه.
٥٩ ـ (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ) المراد بأولي الأمر هنا أئمة الهدى المعصومون عن الخطأ والخطيئة ، حيث لا يعطف على طاعته تعالى الا من يتقون الله في كل شيء ، وهم بأمره يعملون ، وأيضا لا يعطف على طاعة الرسول شرعا وعقلا إلّا من كان امتدادا له قولا وفعلا ، وما ثبتت العصمة لأحد من المسلمين بعد رسول الله (ص) إلّا لعترته وأهل بيته الذين ساوى النبي بينهم وبين القرآن المعصوم وجعلهم عدلا له في حديث الثقلين.
(فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ) من أمور الدين ، وبالخصوص في معرفة المعصومين الذين تجب طاعتهم تماما كما تجب طاعة الله والرسول (فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ) إلى كتابه تعالى (وَالرَّسُولِ) أي سنة الرسول بعد وفاته (إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ) حقا وصدقا (بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ) وفيه إيماء إلى أن من لا يحتكم إلى كتاب الله وسنة نبيه في أمور دينه ـ فهو كافر ، ولا يختلف في هذا المبدأ اثنان من المسلمين (ذلِكَ) الرد إلى كتاب الله وسنة نبيه (خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً) مآلا وعاقبة.
٦٠ ـ (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ) الخطاب للنبي (ص) والزاعمون : المنافقون (أَنَّهُمْ آمَنُوا بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ) أي بكل ما أرسل سبحانه من رسل وكل ما أنزل من كتب (يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ) كان بين رجل من المنافقين وآخر من اليهود خصومة ، فقال اليهودي له : أحاكمك إلى محمد علما منه بأنه يحكم بالحق ولا يرتشي ، فأبى المنافق إلا عند رئيس من رؤساء اليهود الذين يبدون العداوة والبغضاء لنبي الرحمة ، فسجلت الآية هذا الموقف المخزي لمن يتظاهر بالصلاح وهو أفسد من الفساد.
____________________________________
الإعراب : المصدر المنسبك من (أَنْ تُؤَدُّوا) في محل جر بالباء المحذوفة ، والتقدير يأمركم بتأدية الأمانة. (وَإِذا حَكَمْتُمْ) معطوف على يأمركم ، والمعنى ويأمركم إذا حكمتم أن تحكموا بالعدل. و (نِعِمَّا) نعم فعل ماض ، ومعناها المدح. وما محل نصب على التمييز بمعنى شيئا ، وهي مفسرة للضمير المستتر في نعم ، والتقدير نعم الشيء شيئا.