(قُلْ مَتاعُ الدُّنْيا قَلِيلٌ) وعيشها قصير (وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقى) معاصي الله سبحانه (وَلا تُظْلَمُونَ فَتِيلاً) على مشاق الجهاد والقتال.
٧٨ ـ (أَيْنَما تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ) فما ينجو من الموت من خافه ، ولا يعطى البقاء من أحبه كما في نهج البلاغة (وَإِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ) كالرزق (يَقُولُوا هذِهِ مِنْ عِنْدِ اللهِ) وليست من بركتك ويمنك يا محمد (وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ) كالنقص من الثمرات (يَقُولُوا هذِهِ مِنْ عِنْدِكَ) بسببك ، ولو بقينا على ديننا ما أصابنا شيء (قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللهِ) أي من سنن الطبيعة التي خلقها الله تعالى ، وهي تشمل وتعم الطيب والخبيث والقوي والضعيف على السواء تماما كالصحة والمرض إلا أن يكافحها القوي بعلمه ، ويسيطر عليها بقوته (فَما لِهؤُلاءِ الْقَوْمِ لا يَكادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثاً) وهو أن الدين والصلاح والدعاء شيء ، وأسباب الطبيعة شيء آخر ، وأن النتيجة تتبع المقدمات والمسببات تجري على الأسباب.
٧٩ ـ (ما أَصابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللهِ) المراد بهذه الحسنة ، الحسنة الخاصة كالنجاح والتوفيق ، وبالحسنة الأولى الحسنة العامة كالخصب وما أشبه من الأمور التي تشمل الجميع ، وترجع إلى سنن الطبيعة التي خلقها الله كما أشرنا (وَما أَصابَكَ) أيها الإنسان (مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ) من تقصيرك أنت لا من الله سبحانه الذي زودك بالقدرة والعقل والإرادة ، وحثك على الكفاح والنضال.
(وَأَرْسَلْناكَ) يا محمد (لِلنَّاسِ رَسُولاً) وما عليك إلا البلاغ (وَكَفى بِاللهِ شَهِيداً) على من عصى وأطاع ...
٨٠ ـ (مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللهَ) لأنه بيانه ولسانه (وَمَنْ تَوَلَّى) واعرض عن طاعتك يا محمد (فَما أَرْسَلْناكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً) أي تحفظ أعمالهم وتحاسبهم عليها كلا ، لأنك قوة إرشادية بيانية لا سلطة تنفيذية جبرية.
٨١ ـ (وَيَقُولُونَ طاعَةٌ) يقول المنافقون لرسول الله (ص) : شأننا طاعة لك (فَإِذا بَرَزُوا مِنْ عِنْدِكَ بَيَّتَ طائِفَةٌ مِنْهُمْ غَيْرَ الَّذِي تَقُولُ) يظهرون الطاعة ويضمرون المكر والكيد ، وبعبارة نهج البلاغة قولهم شفاء ، وفعلهم الداء العياء (فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ) يا محمد ولا تعاقبهم.
٨٢ ـ (أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ) تدبرا يدركون معه أنه من الله لا من سواه (وَلَوْ كانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللهِ لَوَجَدُوا
____________________________________
الإعراب : (أَيْنَما) ظرف لاستغراق الأمكنة ، ومحلها النصب بفعل الشرط ، وهو تكونوا ، وتجزم فعلين لأنها بمعنى ان الشرطية. و (فَما لِهؤُلاءِ) مبتدأ وخبر. ومعنى ما هنا الاستفهام مع الإنكار ، نحو أي شيء حصل لك؟. ورسولا حال.