فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً) بحكم البديهة ، لأن للإنسان ظروفا وحالات متفاوتات ، وهو يتغير ويتكيف تبعا لها ، والله سبحانه لا يتبدل في الأحوال ، فكلامه كذلك.
٨٣ ـ (وَإِذا جاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذاعُوا بِهِ) كان بعض المواطنين إذا سمع خبرا يتصل بالأمن كالغزو والدفاع تكلموا به ، وشهروه قبل أن يعلموا صحته ، وكان في ذلك ضرر على المسلمين.
(وَلَوْ رَدُّوهُ) الخبر الذي سمعوه (إِلَى الرَّسُولِ وَإِلى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ) وهم الذين يثق النبي بكفاءتهم (لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ) يستخرجون الأشياء من مصادرها ، ويردونها إلى أصولها ، وبالإجمال البصير إذا سمع تثبت وتريث ، وسأل من هو أدرى وأعلم (وَلَوْ لا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ) بمحمد والقرآن (لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطانَ) بالبقاء على الجاهلية الجهلاء (إِلَّا قَلِيلاً) صفة لمصدر محذوف أي إلا اتباعا قليلا ، وعليه يكون المعنى كانت عاداتكم من قبل وعقائدكم جهالة وضلالة إلا ما ندر كحلف الفضول وما أشبه.
٨٤ ـ (فَقاتِلْ فِي سَبِيلِ اللهِ) يا محمد (لا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفْسَكَ) من حيث المسئولية الشخصية عن طاعة التكليف وامتثاله من حيث بيانه وتبليغه ، لأن الإنسان مخير طاعة وامتثالا ومسير تكليفا ، ولذا أمر سبحانه النبي أن يبلغ ، وأمرنا أن نطيع دون أن يلجئنا إلى الطاعة (وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ) وما عليك شيء من شأنهم (عَسَى اللهُ أَنْ يَكُفَّ بَأْسَ الَّذِينَ كَفَرُوا) وقد فعل ونصر الضعفاء المحقين على الطغاة الظالمين (وَاللهُ أَشَدُّ بَأْساً) وبأس الحق من بأسه تعالى (وَأَشَدُّ تَنْكِيلاً) بقوى البغي من تنكيلهم بالمستضعفين.
٨٥ ـ (مَنْ يَشْفَعْ شَفاعَةً حَسَنَةً) وهي ما تجلب خيرا أو تدرأ شرا (يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْها) وفي الحديث «من سن سنة حسنة كان له مثل أجر من عمل بها (وَمَنْ يَشْفَعْ شَفاعَةً سَيِّئَةً) وهي ما تجلب شرا أو تدرأ خيرا (يَكُنْ لَهُ كِفْلٌ مِنْها) أي نصيب ، وتمام الحديث : «ومن سن سنة سيئة كان له مثل وزر من عمل بها». (وَكانَ اللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ مُقِيتاً) مطلعا ومقتدرا ومعطيا الأقوات والأرزاق.
٨٦ ـ (وَإِذا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْها أَوْ رُدُّوها) قالوا : المراد بها تحية الإسلام بالخصوص ، وهي السلام عليكم ، ولكن ظاهر الآية يعم كل تحية عرفية سواء أكانت بالفعل أم بالقول ، أما جواب المصلي لمن حياه فله دليله الخاص.
٨٧ ـ (اللهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ ...) لا ريب في أن الله سبحانه يجمع الأولين والآخرين لنقاش الحساب وجزاء الأعمال.