أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُمْ مَيْلَةً واحِدَةً) بمجرد أن تذهلوا عن الأعداء أو تشتغلوا بأي شيء دونهم ينقضون عليكم كرجل واحد قتلا ونهبا (وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ إِنْ كانَ بِكُمْ أَذىً مِنْ مَطَرٍ أَوْ كُنْتُمْ مَرْضى أَنْ تَضَعُوا أَسْلِحَتَكُمْ) إن ثقل عليكم أيها المصلون مع النبي ، حمل السلاح لسبب معقول ومشروع ـ فدعوه ، وصلوا بغير سلاح.
١٠٣ ـ (فَإِذا قَضَيْتُمُ الصَّلاةَ ...) أديتموها كما أمر الله تعالى أفيضوا في ذكره ساكنين ومتحركين ، فإن ذكره ، جل وعز ، أحسن الذكر (فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ) حيث وضعت الحرب أوزارها (فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ) الآمنة لا الخائفة (إِنَّ الصَّلاةَ كانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتاباً) فرضا لازما (مَوْقُوتاً) محدودا بالأوقات المبينة.
١٠٤ ـ (وَلا تَهِنُوا فِي ابْتِغاءِ الْقَوْمِ) لا تضعفوا في حرب الطغاة المعتدين (إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَما تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللهِ ما لا يَرْجُونَ) علام أيها المسلمون هذا الانكسار والانهيار خوفا من قوى الشر؟ ولما ذا لا تثقون بالله وبأنفسكم؟ إن الله معكم على عدوكم المبطل ، فاتحدوا وأخلصوا لله ولأنفسكم ، أتخافون قوة العدو؟ فهو أيضا يخاف من وحدتكم وصدق عزيمتكم ، ولا يرجو من الله ما ترجونه أنتم ، ولذا لا يتحمل هو مرارة الحرب كما تحتملونها.
١٠٥ ـ (إِنَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِما أَراكَ اللهُ) بما أوحى الله به إليك لا برأيك واجتهادك.
(وَلا تَكُنْ لِلْخائِنِينَ خَصِيماً) أي لا تخاصم من أجل براءة الخائنين والدفاع عنهم ، ولهذه الآية وما بعدها قصة ، وخلاصتها أن رجلا سرق درعا لآخر ، وخبأها عند يهودي ، ولما أخذت الدرع من منزل هذا اليهودي قال : أودعها عندي أبو طعمة ، وهذا هو اسم السارق بالذات ، فجاء قومه إلى النبي (ص) وشهدوا ببراءة صاحبهم ، فرجح صدقهم أخذا بظاهر الحال ، ولما همّ أن يعاقب اليهودي عصمه الله ، وأطلعه على الواقع ، وقال له :
١٠٦ ـ (وَاسْتَغْفِرِ اللهَ) مما همت.
____________________________________
الإعراب : (كَما تَأْلَمُونَ) الكاف بمعنى مثل ومحلها النصب صفة لمفعول مطلق محذوف. وما مصدرية ، والتقدير يألمون ألما مثل ألمكم. (أَراكَ اللهُ) رأى هنا بمعنى الرأي ، وتعدت الى مفعولين بسبب الهمزة ، والمفعول الأول الكاف ، والمفعول الثاني ضمير محذوف ، وتقديره بما أراكه الله. واللام في (لِلْخائِنِينَ) معناها شبه التمليك ، مثل جعل لكم من أنفسكم أزواجا ، وقال ابن هشام في المغني : «تأتي اللام بمعنى عن». وهذا المعنى أليق بهذه اللام.