وموسى وعيسى (وَالْمُقِيمِينَ الصَّلاةَ) أي وأخص بالمدح المقيمين الصلاة لبيان منزلتها وفضلها (وَالْمُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَالْمُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ) والرفع هنا خبر لمبتدأ محذوف أي هم المؤتون الزكاة والمؤمنون بالله.
١٦٣ ـ (إِنَّا أَوْحَيْنا إِلَيْكَ) يا محمد (كَما أَوْحَيْنا إِلى نُوحٍ ...) الأسباط واحدها سبط ، وهو ولد الولد ، والمراد بالأسباط هنا الاثنا عشر سبطا من اثني عشر ابنا ليعقوب ابن اسحق بن ابراهيم ، والزبور : الكتاب بمعنى المكتوب ، والآية جواب لأهل الكتاب عن سؤالهم رسول الله أن ينزل عليهم كتابا من السماء ، وخلاصة المعنى أن الله سبحانه أرسل محمدا كما أرسل من كان قبله من النبيين المذكورين وغيرهم ، وغيرهم ، وإن المعجزات قد ظهرت على يد محمد (ص) تماما كما ظهرت على أيديهم ، وقد اعترفتم بنبوة من سبق محمدا فعليكم أن تعترفوا بنبوته ، لأن الأشياء المتماثلة تؤدي إلى نتائج وأحكام متماثلة.
١٦٤ ـ (وَرُسُلاً قَدْ قَصَصْناهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ) وأنت في مكة ، وجاءت أسماؤهم في سورة الأنعام الآية ٨٤ و ٨٥ و ٨٦ (وَرُسُلاً لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ) وإذا كان الله سبحانه لم يقصصهم على نبيه ونجيه محمد (ص) ، فمن أين جاء العلم لمن قال : إنهم مائة وأربعة وعشرون ألفا؟
١٦٥ ـ (رُسُلاً مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ) أبدا لا عقاب بلا بيان كما يقول علماء الإسلام ، أو لا عقوبة بلا نص كما تقول القوانين الوضعية ، والدليل على ذلك العدالة الإلهية والبديهية العقلية وأيضا لا عذر إطلاقا لمن يجهل النص والبيان وهو قادر على الوصول إليه بالبحث والدرس.
١٦٦ ـ (لكِنِ اللهُ يَشْهَدُ بِما أَنْزَلَ إِلَيْكَ أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ وَالْمَلائِكَةُ يَشْهَدُونَ) والمراد بشهادة الله والملائكة الخلق العظيم وأنه (ص) بالمؤمنين رؤوف رحيم كما في الآية ٤ من القلم والآية ١٢٨ التوبة ، والشريعة الإلهية الإنسانية التي نزلت على قلب محمد (ص) وغير ذلك من المعجزات والآثار ، وهكذا كل من ينفع الناس بجهة من الجهات ، يشهد له الله والملائكة والناس أجمعين ، وهل من عاقل على وجه الأرض يسأل : أيحمل المتنبي شهادة خطية بأنه شاعر أو أديسون مخترع الكهرباء بأنه مخترع؟ وجاء في الأشعار «لها منها عليها شواهد».
١٦٧ ـ (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللهِ) جمعوا بين رذيلة الكفر ورذيلة الصد عن الحق ، وتنطبق هذه الآية على وسائل الإعلام الكاذبة المضللة في العصر الراهن.