(قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ) لو كنتم أبناء الله لكنتم معصومين بالكامل ، وأنتم لا تدعون ذلك ، وكل مذنب يستحق العقاب والعذاب بحكم البديهة (بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ) ليس في خلق الرّحمن من تفاوت ، فعلام هذا التعالي والغرور؟ وهل من شيء أضر وأخطر على الشعوب والأمم والإنسانية من ادعاء بعضها أو بعض أبنائها بأن لهم مزايا طبيعية ليست لأحد من الناس غيرهم؟
١٩ ـ (يا أَهْلَ الْكِتابِ قَدْ جاءَكُمْ رَسُولُنا يُبَيِّنُ لَكُمْ) الحق (عَلى فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ) بعد انقطاع الوحي أمدا من الوقت (أَنْ تَقُولُوا ما جاءَنا مِنْ بَشِيرٍ وَلا نَذِيرٍ فَقَدْ جاءَكُمْ بَشِيرٌ وَنَذِيرٌ) وهو محمد (ص) أبدا لا عذر إطلاقا لمن يتكاسل ويهمل البحث عن الحق ، وهو عليه قادر ، وهذا كتاب الله وشروحه وعلومه ، وتلك سنة نبيه في مئات الكتب وهؤلاء علماء الإسلام في شرق الأرض وغربها يعدون بالألوف فليبحث باحث ، وليسأل سائل تفقها لا تعنتا.
٢٠ ـ (وَإِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ) اليهود : (يا قَوْمِ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ وَإِذْ نَجَّيْناكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذابِ يُذَبِّحُونَ أَبْناءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِساءَكُمْ) ٤٩ البقرة». (إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِياءَ). (فَفَرِيقاً كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقاً تَقْتُلُونَ) ـ ٨٧ البقرة (وَجَعَلَكُمْ مُلُوكاً) أي جعل منكم ملوكا كداود وسليمان (وَآتاكُمْ ما لَمْ يُؤْتِ أَحَداً مِنَ الْعالَمِينَ) لا لشيء إلا للمبالغة في تثبيت الحجة عليهم وتوكيدها وإلزامهم بها ، لقسوتهم ورسوخهم في الضلال والمعاندة والمكابرة ، فقد نصرهم سبحانه على فرعون بلا قتال ، وأطعمهم المن والسلوى بلا كفاح ، وسقاهم الماء بلا جفر آبار وشق أقنية ومع ذلك كله تمردوا على المنعم بدلا من أن يشكروه ، وقتلوا أنبياءه ورسله ، والرسول لا يقتل عند جميع الدول.
٢١ ـ (يا قَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ) هاجر موسى وقومه العبرانيون من مصر ، يشقون طريقهم إلى سيناء ، ولما بلغوها حاروا إلى أين يذهبون ، فقال لهم موسى : هلموا إلى فلسطين (الَّتِي كَتَبَ اللهُ لَكُمْ) أن تعيشوا مع أهلها الحثيين والكنعانيين في أمن وسلام (وَلا تَرْتَدُّوا عَلى أَدْبارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خاسِرِينَ) حيث لا تجدون بلدا أقرب من هذه الأرض.
٢٢ ـ (قالُوا يا مُوسى إِنَّ فِيها قَوْماً جَبَّارِينَ وَإِنَّا لَنْ نَدْخُلَها حَتَّى يَخْرُجُوا مِنْها فَإِنْ يَخْرُجُوا مِنْها فَإِنَّا داخِلُونَ) أراد موسى أن يتعايش العبرانيون مع أهل الأرض معايشة الأخوان المتعاونين ، فرفضوا إلا طرد الكنعانيين من ديارهم وتشتيتهم في الأرض أيدي سبا كما فعل اليهود سنة ١٩٤٨ م وما أعقبها من ويلات.