٢٨ ـ (لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي) ظلما وعدوانا (ما أَنَا بِباسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ) بل أبسطها للدفاع عن نفسي.
٢٩ ـ (إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَبُوءَ) ترجع إلى ربك (بِإِثْمِي) قتلي (وَإِثْمِكَ) وهو خبثك الذي كان السبب الموجب لرفض قربانك.
٣٠ ـ (فَطَوَّعَتْ) سهلت (لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ) بلا جرم جره على مخلوق ، وهما من نطفة واحدة ورحم واحدة! فهل بعد هذا المثال والشاهد القرآني يقال : أخاك أخاك أو صديقك صديقك؟ المحرك الأول هو المصلحة والعاطفة إلا أن تكون هناك مناعة من عقل رصين أو دين متين.
٣١ ـ (فَبَعَثَ اللهُ غُراباً يَبْحَثُ فِي الْأَرْضِ) عرف ابن آدم كيف يقتل أخاه بحقده ، وجهل أن يدسه في التراب بعقله ، وهكذا يختفي العقل والدين إذا طغت العاطفة (لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوارِي سَوْأَةَ) عورة ، وخصت بالذكر ، لأنها أحق بالستر (أَخِيهِ قالَ يا وَيْلَتى أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هذَا الْغُرابِ فَأُوارِيَ سَوْأَةَ أَخِي) وكلنا قد يقف به العجز والجهل عن أتفه الأمور (فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ) وهكذا الإنسان يخطئ ثم يندم ، ولكنه يعود ، والسر قوله تعالى : (وَخُلِقَ الْإِنْسانُ ضَعِيفاً) ـ ٢٨ النساء».
٣٢ ـ (مِنْ أَجْلِ ذلِكَ) من أجل جريمة القتل وأنها جريمة الجرائم (كَتَبْنا عَلى بَنِي إِسْرائِيلَ) وخصهم بالذكر علما بأن الحكم أعم وأشمل ، لأنهم أجرأ العالمين على الفساد في الأرض (أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّما قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً) فكيف بالذين يتسابقون إلى أسلحة الموت والقتل بالجملة ، فمن القنبلة الذرية إلى الهيدروجينية ، ومنها إلى قنبلة النيوترون وصواريخ «اس ـ اس» ذات الرؤوس النووية المتعددة؟ (وَمَنْ أَحْياها) أي من أعطى حياة الناس نموا وآمالا ، وتقدما وكمالا ، لا من صلّى وصام وكفى لأن العبادة لله وحده ، وموضوع الآية النفس وليس خالقها لأنه تعالى مصدر الحياة (فَكَأَنَّما أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً) بشق الأنهر والطرقات وبناء المدارس والمستشفيات المجانية ، وإيجاد العمل للسواعد التي تبحث عنها ... إلى غير ذلك مما ينتفع به الناس بجهة من الجهات ، ويمكث في الأرض ، ولا يذهب مع الريح (وَلَقَدْ جاءَتْهُمْ) اليهود (رُسُلُنا بِالْبَيِّناتِ) بحلال الله وحرامه (ثُمَّ إِنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ بَعْدَ ذلِكَ) بعد قيام الحجة عليهم (فِي الْأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ) في سفك الدماء وانتهاك الحرمات.
٣٣ ـ (إِنَّما جَزاءُ الَّذِينَ يُحارِبُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ) بالبغي والعدوان على عباد الله وعياله. (وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ