٣٣ ـ (وَما كانَ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ) لا يعذب الله أهل مكة ، وإن كانوا أهلا له ما دام محمد (ص) بين أظهرهم ، وفيه إيماء إلى أنه تعالى يعذبهم إذا هاجر عنهم النبي كما تأتي الإشارة (وَما كانَ اللهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ) وأيضا لا يعذبهم الله سبحانه ما دام في بلدهم قوم من المسلمين المستضعفين ، وهم الذين بقوا في مكة بعد خروج رسول الله منها لعجزهم عن الهجرة.
٣٤ ـ (وَما لَهُمْ أَلَّا يُعَذِّبَهُمُ اللهُ) أي لم لا يعذب مشركي مكة بعد خروج النبي منها والبقية الباقية من المسلمين! وقد عذبهم يوم بدر ، وأذلهم يوم فتح مكة (وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ) أي شيء يمنع من عذابهم ، وقد منعوا المؤمنين من التعبد لله في الكعبة المقدسة (وَما كانُوا أَوْلِياءَهُ) ليس المشركون أصحاب المسجد الحرام ، ولا هم أولياء عليه ، بل هم أعداء الله ورسوله (إِنْ أَوْلِياؤُهُ إِلَّا الْمُتَّقُونَ) وفي هذا المعنى قول الإمام علي (ع) : «إن ولي محمد من أطاع الله وإن بعدت لحمته (أي نسبه) وإن عدو محمد من عصى الله وإن قربت قرابته».
٣٥ ـ (وَما كانَ صَلاتُهُمْ) أي صلاة المشركين (عِنْدَ الْبَيْتِ) الحرام (إِلَّا مُكاءً) صفيرا بالفم (وَتَصْدِيَةً) تصفيقا باليد.
٣٦ ـ (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ) يبذلونها بسخاء وعن طيب نفس ، لا لشيء إلا (لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللهِ) والآن تبذل الملايين على الإعلام الملغوم ، والتوجيه المسموم ، وتشويه الحقائق لتضليل الآراء والمعتقدات (فَسَيُنْفِقُونَها ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ...) يضحون بكل غال ونفيس ليقضوا على الإسلام ، ويأبى الله سبحانه إلا أن ينصر الإسلام ونبي الإسلام ، ويظهره على الدين كله.
٣٧ ـ (لِيَمِيزَ اللهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ) لا يستقيم في عدله أن يستوي المجرم والبريء : (أَفَمَنْ كانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كانَ فاسِقاً لا يَسْتَوُونَ) ـ ١٨ السجدة» بل يثيب المؤمن ويعاقب الفاسق (وَيَجْعَلَ الْخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلى بَعْضٍ فَيَرْكُمَهُ جَمِيعاً فَيَجْعَلَهُ فِي جَهَنَّمَ) يجمع سبحانه غدا المجرمين بعضهم فوق بعض متراكمين متراكبين ، ثم يلقي بهم في نار جهنم تماما كحزمة من حطب تطرح في الأتون دفعة واحدة.
٣٨ ـ (قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا) إن يتوبوا (يُغْفَرْ لَهُمْ ما قَدْ سَلَفَ) وفي نهج البلاغة : ما كان الله ليفتح على عبد باب التوبة ويغلق عنه باب المغفرة (وَإِنْ يَعُودُوا فَقَدْ مَضَتْ سُنَّتُ الْأَوَّلِينَ) أي مضت سنة الله في الذين خلوا من قبل ولن تجد لسنة الله تبديلا ، وهي عقوبة الكافرين في الدنيا قبل الآخرة ، ونصر المرسلين إليهم.
٣٩ ـ (وَقاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ ...) تقدم في الآية ١٩٣ من البقرة.
٤٠ ـ (وَإِنْ تَوَلَّوْا) أصروا على الكفر والجحود بنبوة محمد (ص) (فَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ مَوْلاكُمْ) يحميكم ويرعاكم (نِعْمَ الْمَوْلى وَنِعْمَ النَّصِيرُ) بل لا نصر إطلاقا إلا من عند الله بشرط واحد فقط ، وهو أن نطيعه في قوله : (وَلا تَنازَعُوا فَتَفْشَلُوا) ـ ٤٦ الأنفال ... (وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ)