هنا صحت النسبة إليه تعالى.
٦٤ ـ (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) لا تبال يا محمد بمن نصب لك العداء وجمع لحربك ، لأنك في حصن حصين من توفيق الله ورعايته ، ومن اخلاص المؤمنين لك ودفاعهم عنك. وجاء في كتب التاريخ والسيرة : إن الصحابة كانوا يقتدون الرسول (ص) بالمهج والأرواح ، وكان الآباء يبارزون الأبناء من أجله ، كما كان الولد يتربص بوالده والأخ بأخيه ، وكانت المرأة تفقد زوجها وأولادها وأباها ، فتحمد الله على نجاة رسول الله (ص).
٦٥ ـ (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتالِ) دفاعا عن الإسلام والمسلمين (إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صابِرُونَ ...) مرت دعوة الإسلام بالعديد من المراحل الاولى : مرحلة السخرية والاستهزاء من الإيمان برب واحد والحياة بعد الموت والمساواة بين جميع الناس ، المرحلة الثانية : رحلة المقاطعة والاضطهاد والإيذاء بشتى ألوانه ... إلى مرحلة الحرب والقتال ، وكان المسلمون قلة ، والمنافقون ينشرون بينهم الخوف من المشركين ، ويشيعون الذعر حتى خاف المسلمون أن يتخطفهم الناس من كل جانب كما تقدم في الآية ٢٦ من السورة التي نحن بصددها ، فثبت سبحانه قلوب الصحابة بعد عزيمتهم بشتى الوعود والأساليب ، ومنها هذه الآية.
٦٦ ـ (الْآنَ خَفَّفَ اللهُ عَنْكُمْ ...) قياس الإقدام على الحرب أن لا يكون عملية انتحارية في نظر أهل الاختصاص أما كثرة العدد فليس بالشيء المهم ، كما جاء في الآية ٢٤٩ من البقرة : (كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللهِ) هذا ، إلى أن حرب اليوم بالعلم وأسلحته الجهنمية ، ومحطات التجسس وطائراته وسفنه وغير ذلك ... ورب ضغط بإصبع يدمر مدينة بكاملها أو يفني جيشا عن آخره ، وعليه فلا موضوع اليوم لهاتين الآيتين ، وفوق ذلك هما مختصتان بالنبي والصحابة فقط ـ كما نرجح.
٦٧ ـ (ما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ) حتى يهلك الباطل وأهله ، ونزلت هذه الآية في أسرى المشركين يوم بدر ، وكانوا سبعين ، ولم يؤسر أحد من الصحابة (تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيا) هذا عتاب موجه بصفة خاصة لمن أسر مشركا بقصد الغنيمة وأخذ الفدية غافلا أو غير مكترث بما يترتب على حياته من فساد في الأرض وعدائه للإسلام وأهله ، ولو قتله لأراح الناس من شره. (وَاللهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ) وقطع كل أفاك أثيم.
٦٨ ـ (لَوْ لا كِتابٌ مِنَ اللهِ سَبَقَ) من لطفه بكم أيها الصحابة ورحمته لكم (لَمَسَّكُمْ فِيما أَخَذْتُمْ) من الأسرى والفداء (عَذابٌ عَظِيمٌ) وسلام على العالم بالله حيث يقول : «لا يشغله غضب عن رحمة».
٦٩ ـ (فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلالاً طَيِّباً) بما جاهدتم واستجبتم لدعوة الله ورسوله.
٧٠ ـ (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ الْأَسْرى إِنْ يَعْلَمِ اللهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْراً ...) الله سبحانه يغفر لكم هذا الأسر ، بل ويزيدكم من فضله ، شريطة أن تكونوا صادقين في إيمانكم مخلصين في مقاصدكم خائفين من